للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أني قد وضعت القرآن وافتريته، وجئت به من عند نفسي، ثم زعمت أنه وحي من الله، فعضوا (١) أنتم أيضًا عشر سور وافتروا معانيها كما زعمتم أني افتريت معاني القرآن (٢)، وفي موضع آخر يقول في رده على الشريف الرضي الشيعي بقوله:

" … أنه كان ينبغي لهم لو أن العرب كانت منعت منزلة من الفصاحة قد كانوا عليها أن يعرفوا ذلك من أنفسهم، كما قدمت، ولو عرفوا لكان يكون قد جاء عنهم ذكر ذلك، ولكانوا قد قالوا للنبي-صلى الله عليه وسلم-: "إنا كنا نستطيع قبل هذا الذي جئتنا به، ولكنك قد سحرتنا، واحتلت في شيء حال بيننا وبينه"، فقد نسبوه إلى السحر في كثير من الأمور، كما لا يخفى، وكان أقل ما يجب في ذلك أن يتذاكروه فيما بينهم، ويشكوه البعض إلى البعض، ويقولوا: "ما لنا قد نقصنا في قرائحنا، وقد حدث كلول في أذهاننا" ففي أن لم يرو ولم يذكر أنه كان منهم قول في هذا المعنى، لا ما قل ولا ما كثر، دليل [على] أنه قول فاسد، ورأى ليس من آراء ذوى التحصيل (٣).

وفي موضع آخر من "الشافية" في محض دفاعه عن إعجاز القرآن والرد على القائلين بالصَّرْفة بما جاء عن العرب في شأن القرآن من أخبار-يقول- أيضًا:

"ومنها الأخبار التي جاءت عن العرب في تعظيم شأن القرآن وفي وصفه بما وصفوه به من نحو: "إن عليه لطلاوة، وإن له لحلاوة، وإن أسفله لمغدق، وإن أعلاه لمثمر" (٤)، وذاك أن محالًا أن يعظموه، وأن يبهتوا عند سماعه، ويستكينوا له، وهم يرون فيما قالوه وقاله الأولون ما يوازيه، ويعلمون أنه لم يتعذر عليهم لأنهم لا يستطيعون مثله (٥).

ويقول في موضع آخر من "الشافية" في نهاية قوله بإبطال الصَّرْفة والرد على قائليها-أيضًا-:


(١) "عضوا" من الاستعاضة- اِستِعاضة (اسم) مصدر اِسْتَعاضَ- يجب الاِسْتِعاضَةُ عَنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ آخَرَ: أَنْ تَجْعَلَ فِي مَكانِهِ شَيْئاً آخَر. يُنظر: معجم المعاني الجامع: مادة استعاضة.
(٢) - الجرجاني، أبو بكر عبد القاهر، بن عبد الرحمن، الرسالة الشافية، ضمن ثلاث رسائل في أعجاز القرآن، دار المعارف - مصر، (ط: ٣، ١٩٧٦ م) (ت: محمد خلف الله، د. محمد زغلول سلام)، ص ١٥٠
(٣) - السابق، ص ١٤٨ - ص ١٤٩.
(٤) - يُنظر: المستدرك على الصحيحين للنيسابوري - كتاب التفسير - تفسير سورة المدثر - مدح كلام الله من لسان الكافر: مسألة: (١٥٠٦)، (٣٩٢٦)، قال النيسابوري: هذا حديث صحيح الإسناد على شرط البخاري ولم يخرجاه.، ورواه الحاكم: في كتاب التفسير (٣٨٧٢) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد على شرط البخاري ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي، وصححه الألباني، يُنظر: صحيح السيرة النبوية ص ١٥٩. وضعفه الذهبي وحكم عليه بالإرسال كما في تاريخ الإسلام: (١/ ١٥٤) وقال: روي مرسلاً، وضعفه كذلك مقبل بن هادي الوادعي في صحيح أسباب النزول: (١/ ٢٦٢). ويُنظر: عَرَفةُ بْنُ طَنْطَاوِيِّ: (جَنَى الخُرْفَةِ في إبطالِ القولِ بالصَّرْفةِ) (ص: ٤٣). وثبوت الأثر عند الباحث محل نظر، لوجود اضطراب لدى المحققين في ثبوته وصحته. وقد سبق تخريجه في مواضع عدة.
(٥) - السابق، ص ١٥٢.

<<  <   >  >>