للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال أبو بكر الطرطوشي (ت: ٥٢٠ هـ) - رحمه الله -:

وهذا يمنع أن يُقرأ بالألحان المطربة والمشبهة للأغاني؛ لأن ذلك يُثمر صدَّ الخشوع ونقيض الخوف والوجل. (١).

من أكبر الفواجع

ومن أكبر الفواجع الكبرى التي قد سمعنا عنها قديمًا إقدام أحد المطربات الشهيرات على تسجيل بعض آيات القرآن الكريم بصوتها، ومن تلك الفواجع الناجمة عن فتح هذا الباب على مصراعيه أيضًا إقدام بعض أهل الطرب المعاصرين على طلب التصريح بتسجيل القرآن بصوته رسميًا من الأزهر، وقد رُفِضَ طلبه بشدة.

وقد ألف ابن كيال الدمشقي (ت: ٩٢٩ هـ) كتابًا في النهي عن قراءة القرآن بالألحان سماه " الأنجم الزواهر في تحريم القراءة بلحون أهل الفسق والكبائر". (٢)

[الضابط الثامن: تفخيم الصوت بالتلاوة]

ومن آداب تلاوة القرآن كذلك: أن يفحم القارئ تلاوته بلا تكلف ولا تعسف.

قَالَ الْحَلِيمِيُّ:

وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يَقْرَؤُهُ عَلَى قِرَاءَةِ الرِّجَالِ، وَلَا يُخْضِعُ الصَّوْتَ فِيهِ كَكَلَامِ النِّسَاءِ. (٣)

والمقصود بالتفخيم هنا، أي: أنه لا يقرأه بصوتٍ ناعم منغم كصوت النساء -مثلاً-، ولا بصوت فيه نوع تميع، وذلك كالتلاوات التي انتشرت بمثل هذه الطريقة، وإنما يقرأه ويفخمه على أنه رجل، ويقرأ بسجيته وجبلته بلا تكلف ولا تعسف، فيقرأ الرجل بجبلته وسجيته، كما أن المرأة-

كذلك- تقرأ بجبلتها وسجيتها، كل بجبلته وسجيته. وممن نوه على مثل ذلك صاحب البرهان. (٤)

ويُعد ذكر هذا الضابط من الأهمية بمكان تحذيرًا وتنبيها لما يُرى من كثرة انتشار بعض الأصوات الشبابية التي فيها تكلف للتنعم والتنغم وكأنها أصوات نسائية.

الضابط التاسع: أن يكون القارئ حافظًا مجازًا وَمَسْنَدًا

أضف إلى ما سبق ذكره من ضوابط: أن يكون القارئ المزمع تسجيل القرآن بصوته من الحفاظ المتقنين ليتمكن من جودة النطق وعدم التلعثم الذي قد يعتري من لم يحفظ غالبًا، وأن يكون مجازًا بالقراءة أو الرواية التي يريد تسجيلها بصوته من أئمة عصره ومصره الأثبات بالسند المتصل


(١) - الحوادث والبدع: (ص: ٨٧).
(٢) الذيل على كشف الظنون (١/ ١٣١ (.
(٣) - الإتقان، للسيوطي: (١/ ١٠٩).
(٤) - البرهان في علوم القرآن (١/ ٤٦٧).

<<  <   >  >>