للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مقدورهم داخلاً وقد جعله حجة لهم في رد رسالته لعارضوه ولما عدلوا عنه إلى بذل نفوسهم في قتاله وسفك دمائهم في محاربته". (١).

[عجز أهل الفصاحة عن تحدي القرآن مع توفر كامل دواعي التحدي]

لقد أيد الله تعالى خاتم أنبيائه -صلى الله عليه وسلم - بالمعجزة الخالدة الباقية، ألا وهي القرآن الكريم، وحتى يقيم الله تعالى الحجة على الكافرين والمعاندين فقد أمره ربه سبحانه بتلاوة كلامه عليهم كما قال جل في علاه: (وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ) - (التوبة: ٦).

[يقول الشوكاني: (ت: ١٢٥٠ هـ)]

" (فَأَجِرْهُ) أي كن جارًا له مؤمِّنًا محاميًا (حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ) منك ويتدبره حق تدبره، ويقف على حقيقة ما تدعو إليه". (٢)

"فلولا أن سماعه آية حجة عليه، لم يقف أمره على سماعه، ولا يكون حجة إلا وهو معجزة.

هذا وهم الفصحاء اللد، وقد كانوا أحرص شيء على إطفاء نوره وإخفاء أمره، فلو كان في مقدرتهم معارضته لعدلوا إليها قطعًا للحجة، ولم ينقل عن أحد منهم أنه حدث نفسه بشيء من ذلك ولا رامه، بل عدلوا إلى العناد تارة، وإلى الاستهزاء أخرى، فتارة قالوا: سحر، وتارة قالوا: شعر، وتارة قالوا: أساطير الأولين. كل ذلك من التحير والانقطاع ثم رضوا بتحكيم السيف في أعناقهم، وسبي

ذراريهم وحرمهم واستباحة أموالهم، وقد كانوا آنف شيء، وأشده حمية فلو علموا أن الإتيان بمثله في قدرتهم لبادروا إليه، لأنه كان أهون عليهم.


(١) - أعلام النبوّة الماوردي- ص ٧١.
(٢) - فتح القدير: (١/ ٥٥٨).

<<  <   >  >>