للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التاريخ .. في مواجهة هذا التحدي .. حينئذ يثبت تلقائيًا أنه كلام غير إنساني .. وأنها كلمات صدرت عن صميم المنبع الإلهي (١)، وكل ما يخرج من المنبع الإلهي لا يمكن مواجهة تحدياته". (٢)

[عرض الأقوال الواردة في مراحل التحدي بالقرآن ومناقشتها]

"والتحدي جاء مرة بالإتيان بمثل القرآن كله، ومرة بعشر سور، ومرة بسورة، ومرة بحديث مثله. فهل جاء التحدي بالقرآن متدرجًا من الأكثر إلى الأقل أم لا؟ للعلماء في مراحل التحدي بالقرآن الكريم أقوال:

القول الأول:

وهو قول جمهور علماء التفسير والبلاغة أن التحدي كان متدرجًا بالقرآن كله كما في سورة الإسراء والطور، ثم تحداهم بعشر سور في سورة هود، ثم تحداهم بسورة في سورة يونس، ثم بسورة من مثله في سورة البقرة، ولكن هذا القول لا يساعد عليه ترتيب نزول القرآن الكريم.

القول الثاني:

رتب آيات التحدي ترتيب النزول وأنه كان متدرجًا أيضًا، إلا أن التحدي بسورة وقع قبل التحدي بعشر سور، ثم ذهب أصحاب هذا القول يعللون ذلك بتعليلات ليس فيها ما يقنع.

القول الثالث:

وهو ما أرى صوابه أن القولين السابقين قاما على تصور أن الإتيان بمثل القرآن أصعب من الإتيان بمثل عشر سور وأن الإتيان بالعشر أصعب من الإتيان بسورة وهذا غير صحيح. لأن القرآن كله قليله وكثيره على حد سواء في الإعجاز، فليس الإتيان بسورة أسهل من الإتيان بالقرآن كله

فالتحدي في القرآن بالكيف لا بالكم وبالنوع لا بالمقدار فلا يهم إذًا أن يكون التحدي بسورة جاء قبل التحدي بعشر سور أو قبل التحدي بالقرآن كله.

واستحالة المجيء بمثل سورة من القرآن كاستحالة المجيء بعشر سور، واستحالة المجيء بمثل القرآن كله على حد سواء فكل ذلك متعذر، ولذا فلا أثر للاختلاف في ترتيب آيات التحدي ما دام لا يترتب عليه أثر في قوة التحدي والعجز كان عن الإتيان بجنس القرآن لا عن مقداره. (٣)


(١) - هذه العبارات لم يدرج عليها السلف، والصواب أن يقال القرآن كلام الله وكفى. وقد يستشف منها نفي تكلم الله بالقرآن، وأن القرآن عبارة عن كلام الله النفسي كما تقول المعتزلة والمتكلمون، تعالى الله عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا، وعليه جرى التنبيه والبيان، والحمد لله. الباحث.
(٢) الإسلام يتحدى - وحيد الدين خان: (ص: ١٢٣).
(٣) - دراسات في علوم القرآن - فهد الرومي: (١/ ٢٧٠).

<<  <   >  >>