للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منها خليفة المسلمين عثمان بن عفان- رضي الله عنهم أجمعين-، حيث اعتمد عليها في استنساخ مصاحف القُرْآن، ثم ردها. (١)

ويؤكد أبو شامة المقدسي (ت: ٦٦٥ هـ) -رحمه الله- مصير تلك الصحف فيقول:

بعد أن أتمَّ زيد- رضي الله عنه- في المصحف سَلَّمَه لأبي بكر الصديق- رضي الله عنه- فحفظه عنده حتى وفاته ثم انتقل إلى أمير المؤمنين من بعده عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- وبعد وفاته انتقل المصحف إلى حفصة أم المؤمنين- رضي الله عنها- لأن عمر- رضي الله عنه- جعل أمرَ الخلافة من بعده شورى، فبقي عند حفصة إلى أن طلبه منها عثمان- رضي الله عنه- لنسخه بعد ذلك ثم أعاده إليها، ولما توفِّيت حفصة - رضي الله عنها- أرسل مروان بن الحكم إلى أخيها عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- ساعة رجعوا من جنازة حفصة بعزيمة ليُرْسِلَنَّ بها فأرسل بها ابن عمر إلى مروان فمزقها مخافة أن يكون في شيء من ذلك خلاف ما نسخ عثمان- رضي الله عنه-. (٢)

وهكذا جمع القرآن في عهد أبي بكر- رضي الله عنه-الجمع الثاني على قطع متناسقة متساوية في الحجوم، مرتب الآيات والسور، بطريقة توثيقية لم يعرف التاريخ البشري لها مثيلاً من حيث الضبط والإتقان، يقول علي بن أبي طالب- رضي الله عنه-: أعظم الناس أجرًا في المصحف أبو بكر، رحمة الله على أبي بكر هو أول من جمع كتاب الله. (٣)

[المطلب الخامس: تاريخ وزمن هذا الجمع وأبرز نتائجه]

وفيه مسألتان:

لاشك أن الدافع لهذا الجمع هو خوف ذهاب حملته إبان مقتل سبعين من القراء يوم اليمامة، وكان بداية جمعه بعد تلك المعركة أي في قرابة نهاية السنة الحادية عشرة من الهجرة تقريبًا، وانتهت مهمة الجمع قبل وفاة أبي بكر-رضي الله عنه- في منتصف السنة الثالثة عشرة من الهجرة.

فإن فترة خلافته-رضي لله عنه- كانت من: الثاني عشر من ربيع الأول سنة ١١ هـ إلى الثاني والعشرين من جمادى الآخرة سنة ١٣ هـ.

وقيل إن فترة الجمع قد استغرقت خمسة عشر شهرًا، وقيل غير ذلك أيضًا.

والحقيقية أن هذا الكلام تقريبي ولا يمكن الجزم به لعدم الوقوف على شيء ثابت موثق يثبت ويؤكد تلك المدة بالتحديد تمامًا. والله أعلم.

وفي ختام الكلام عن هذا الجمع نبحث مسألتين هامتين:


(١) - نفس المرجع السابق.
(٢) -المرشد الوجيز: أبو شامة المقدسي، ص ٥٢.
(٣) يُنظر: مباحث في علوم القرآن لمناع القطان، ص ١٣٢.

<<  <   >  >>