للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولًا: الجمع في العهد البكري كان مقصده حفظ القرآن وخشية ضياع شيء منه بمقتل وموت حفاظه، وكان الباعث عليه ما خشاه عمر بعد تحري القتل في الحفاظ، في قتال المرتدين في معركة اليمامة.

ثانيًا: الجمع في العهد البكري كان العمل فيه على في مكان واحد فحسب، وذلك بجمعه من الأماكن التي كتب فيها، من الرقاع واللخاف وعسب النخل وغيرها، ثم ترتيب سوره وآياته وفق العرضة الأخيرة التي نزل بها القرآن، مقتصرًا في إثبات وكتابة ما لم تنسخ تلاوته فحسب، وإهمال المنسوخ منها، ونتج من جراء ذلك جمع نسخة واحدة وحفظها عند خليفة المسلمين.

ثالثًا: لم يلزم أبو بكر- رضي الله عنه-الناس بما في الصحف التي جمعها ولم يحملهم عليها، ولذا كان بعض الصحابة يقرأ ببعض ما نُسخ من القرآن دون أن يعلم بالنسخ، والسبب في ذلك أنه لم يشهد العرضة الأخيرة.

رابعًا: أما الباعث على الجمع العثماني فكان حسم مادة التنازع والشقاق الذي حدث ووقع في الفتوحات ووقف عليه حذيفة بن اليمان- رضي الله عنه- ورد هذا التنازع للسان ولغة قريش من بين سائر اللغات لأنه نزل بلسانها-ابتداءً-، وجمع الأمة عليه.

خامسًا: الجمع العثماني لم يكن جمعًا لنسخة واحدة كالجمع البكري، وذلك لأن الباعث هنا اختلف عن الباعث هناك، وكان هنا أيضًا وفق العرضة الأخيرة مشتملًا على ما لم تنسخ تلاوته من الأحرف السبعة، وجمعت ورسمت الصحف العثمانية على طريقة تحتمل تلك الأوجه جميعًا تسهيلًا على الأمة ورفعًا للحرج والمشقة، ثم نسخت منها نسخ عدة وزعت على الأمصار وذلك حسمًا لمادة الخلاف ونزعًا لفتيل الفتنة والشقاق، وحمل الأمة على مصحف واحد وقراءة

واحدة، مع شمول رسمه لكل الحروف التي نزل بها القرآن وإلزام الناس في جميع الأمصار بما في تلك الصحف المنسوخة، والتي رسمت بطريقة يمكن معها قراءة القرآن بجميع الأوجه وفق ما تحققت قراءته وثبت عدم نسخه من الأحرف السبعة التي نزل بها، والتي استقرت عليها العرضة الأخيرة.

[المطلب الخامس: أبرز نتائج وفوائد هذا الجمع]

١ - بمجرد قيام عثمان- رضي الله عنه- بتلك المهمة وجمع المسلمين على مصحف إمام واحد خمدت فتنة عظيمة

٢ - إجماع الصحابة-رضي الله عنهم- وإعانتهم لعثمان- رضي الله عنه- على هذا العمل منحه الثقة والاعتماد والقبول، وفيه أيضًا إشارة إلى عنايتهم جميعًا- رضي الله عنهم- بكتاب ربهم وإجلالهم له وحرصهم على سلامته من كل آفة.

<<  <   >  >>