للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قول: (وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ) يقول تعالى ذكره: وإن هذا الذكر لكتاب عزيز بإعزاز الله إياه، وحفظه من كل من أراد له تبديلًا أو تحريفًا أو تغييرًا، من إنسي وجني وشيطان مارد. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. (لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ) معناه: لا يستطيع ذو باطل تغييره بكيده، وتبديل شيء من معانيه عما هو به، وذلك هو الإتيان من بين يديه، ولا إلحاق ما ليس منه فيه، وذلك إتيانه من خلفه.

عن قتادة: الباطل: إبليس، لا يستطيع أن ينقص منه حقًا، ولا يزيد فيه باطلًا. (١)

ويقول ابن كثير (ت: ٧٧٤ هـ) رحمه الله:

يقول تعالى آمرًا رسوله عليه الصلاة والسلام بتلاوة كتابه العزيز وإبلاغه إلى الناس. (لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ) أي: لا مغير لها، ولا محرِّف، ولا مؤوّل. (٢)

ويقول سبحانه: (ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ) (البقرة: ٢)

و (لا ريب فيه) أي: لاشك فيه، وبهذا ينفي الله تعالى عن كتابه الكريم كل ريب وكل شك، وإن من أعظم الريب المنفي في الآية دخول التحريف والتغير والتبديل إليه، سواء كان ذلك بالزيادة أو النقصان.

وقد تحدى الله بكتابه الإنس والجن بصنوف التحدي.

يقول ابن سعدي رحمه الله: (ت: ١٣٧٦ هـ)

"ومن ذلك تحدي الله لجميعِ الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن، وإخبارُه أنهم لم يستطيعوا ولن يستطيعوا أن يأتوا بمثله، والتحدي قائمٌ في كل وقت، والعجز من الخلق ظاهرٌ، مع توفر دواعي الأعداء، وحرصهم الشديد على ردِّ ما جاء به الرسول، والقدح في رسالته. وهذا

برهان عظيم يضطرُّ كلُّ عاقلٍ معه إنصافٌ؛ أن يعترفَ بالحق الذي قامت البيناتُ الظاهرة والدلالات الباهرة على صدقه من كل وجه؛ ولله الحمد". (٣)

[الإعجاز وآيات التحدي]

[مفهوم التحدي في اللغة والاصطلاح]

[أ- مفهوم التحدي في اللغة]

التحدي لغةً: بمعنى المباراة والمبارزة.


(١) - تفسير الطبري (٢١/ ٤٧٩)
(٢) - تفسير ابن كثير (٥/ ١٥١)
(٣) -البراهين العقلية على وحدانية الرب ووجوه كماله (ص: ٥٤ - ٥٥) للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي.

<<  <   >  >>