للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القرشيين الثلاثة: "إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش، فإنما نزل بلسانهم". (١).

و الروايات السابقة قد تجتمع جميعًا:

وهذه الروايات قد تجتمع من جانب آخر ألا وهو: أن هؤلاء الأربعة هم أعضاء لجنة الجمع والكتابة الذين كُلفوا بالجمع أولًا، وأن باقي المذكورين كانوا مساعدين ومعاونين ينضمون إلى معاونة أعضاء اللجنة المسؤولين عن الجمع كمعاونين ومساعدين لهم في بعض الأحايين.

بل حتى أعضاء اللجنة الأربعة كانت الأعمال توزع بينهم كذلك ومما يدل على ذلك سؤال عثمانَ الصحابةَ-رضي الله عنهم أجمعين-:

"من أكتب الناس، قالوا: كاتب رسول الله زيد بن ثابت، قال فأي الناس أعرب، قالوا: سعيد بن العاص، قال عثمان فليمل سعيد وليكتب زيد". (٢)

يقول ابن كثير (ت: ٧٧٤ هـ): - رحمه الله - مبينًا موقف الصحابة من فعل عثمان-رضي الله عنهم أجمعين-:

"واستحسن أصحاب الرسول-صلى الله عليه وسلم- هذا العمل". (٣)، فدل ذلك على أن تقسيم الأعمال بينهم كان جاريًا، وأنه كان على حسب ما تميز به كل عضو وبرز فيه واشتهر به وأتقنه، وهذا ما فعله عثمان واستحسنه الصحابة- رضي الله عنهم أجمعين.

ولم يترجم الباحث لأعضاء لجنة الجمع لسببين اثنين:

السبب الأول: لاشتهارهم، وقد جرى عمل الباحثين على تراجم الأعلام غير المشاهير فحسب.

السبب الثاني: لأن أغلب الباحثين في هذا العمل "" قد ترجموا لهم مشكورين مأجورين، فلا حاجة للإعادة والتكرار، ولاسيما أن تراجمهم معروفة ومشهورة ولا تخفى، وقد جرى التعريف بزيد-رض الله عنه- دونهم لوجود الداع لذلك ألا وهو كونه رئيس لجنة الجمع.

ثانيًا: دواعي اختيار أعضاء لجنة الجمع وبيان منهج جمعهم

يبين الزرقاني ذلك بعد أن ذكر منهج جمعهم وهو ما مر بنا آنفًا ذكره بالتفصيل مع سياق الأمثلة في محض الكلام عن "أبرز معالم هذا الجمع". وذكر هنا أسبابًا عظام اتصفوا بها كانت من مقومات اختيارهم ل فقال: " … إنهم تلقوا القرآن عن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- بجميع وجوه


(١) - رواه البخاري: (٤٩٨٧).
(٢) - فتح الباري شرح صحيح البخاري: (٩/ ١٩).
(٣) تفسير ابن كثير: (٧/ ٤٤٦).

<<  <   >  >>