للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويجري هذا المجرى كل من اتخذ السنَّة والعمل بها حيلةً وذريعةً إلى نيل حطام الدنيا، لا على التعبد بها لله تعالى؛ لأنه تبديل لها، وإخراج لها عن وضعها الشرعي". (١)

قال النووي -رحمه الله- معلقًا على الحديث: (ت: ٦٧٦ هـ)

"هذا مما اختلف العلماء في المراد به على أقوال: … والثالث: أن المراد به أصحاب المعاصي والكبائر الذين ماتوا على التوحيد، وأصحاب البدع الذين لم

يخرجوا ببدعتهم عن الإسلام". (٢)

قال القرطبي -رحمه الله-: (ت: ٦٧١ هـ)

"قال علماؤنا رحمة الله عليهم أجمعين: فكلُّ مَن ارتد عن دين الله، أو أحدث فيه ما لا يرضاه الله، ولم يأذن به الله: فهو من المطرودين عن الحوض، المبعدين عنه، وأشدهم طردًا: مَن خالف جماعة المسلمين، وفارق سبيلهم، كالخوارج على اختلاف فرقها، والروافض على تباين ضلالها، والمعتزلة على أصناف أهوائها، فهؤلاء كلهم مبدِّلون، وكذلك الظلمة المسرفون في الجور، والظلم، وتطميس الحق، وقتل أهله، وإذلالهم، والمعلنون بالكبائر، المستخفون بالمعاصي، وجماعة أهل الزيغ، والأهواء والبدع". (٣)

خامسًا: أول من قال بالصَّرْفَةِ من المعتزلة

كان إبراهيم النَّظام الذي هو أحد رؤوس هؤلاء المعتزلة، هو أول من قال بالصَّرْفَةِ منهم.

"فهو أول من جاهر به، وأعلنه ودعا إليه، ولاحى عنه، كأنه مسألة من مسائل علم الكلام، ونقول إنه أول من جهر به، ولا نقول إنه أول من فكر فيه، أو أول من ابتدأ القول به، لأن الأفكار لا يعرف ابتداؤها وهي تتكون في خلاياها، بل لا تعرف إلا بعد أن تظهر، ويجاهر بها.

جاهر بها، وكان ذا فصح وبيان وحجة وبرهان، وإن لم يكن مستقيم الفكر، بل إنه يظن الظن فيحسبه يقينًا، ثم يبني عليه ويقايس، ويصحح القياس والتنظير بين الأشياء، بينما الأصل ذاته يحتاج إلى قياس صحيح". (٤).

يقول عنه تلميذهُ الجاحظ (ت: ٢٥٥ هـ):

"وَإنما كان عيبُهُ الذي لا يفارقه سوءَ ظنِّهِ وجَودة قياسِهِ عَلَى العارض والخاطر،


(١) - الاعتصام: (١/ ٩٦).
(٢) -شرح النووي على مسلم: (٣/ ١٣٦، ١٣٧).
(٣) - التذكرة في أحوال الموتى والدار الآخرة: (ص ٣٥٢).
(٤) - يُنظر: أبو زهرة، المعجزة الكبرى للقرآن، ص: ٥٩، الشاملة الحديثة.

<<  <   >  >>