للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المعنى الثاني: أن الله سلبهم العلوم التي يحتاجُ إليها في المعارضة ليجيئوا بمثل القرآن". (١)

وفي نحو ذلك يقول ابن سنان الخفاجي الشيعي الرافضي: (ت: ٤٦٦ هـ)

" إذا عدنا إلى التحقيق وجدنا إعجاز القرآن: صرف العرب عن معارضته، بأن

سلبوا العلوم التي بها كانوا يتمكنون من المعارضة، وقت مرامهم ذلك". (٢)

وبشيء من الإيضاح والبيان نبين المقصود بالصَّرْفة والتي تدور مادتها حول إثبات التحدي بالقرآن بالحيلولة بينه وبين العرب في أن يأتوا بمثله.

وفي بيان معنى هذا الوجه من بالصَّرْفة يقول الرّماني: (ت: ٣٨٤ هـ)

"أمّا الصَّرْفة فهي صرف الهمم عن المعارضة، وعلى ذلك كان يعتمد بعض أَهل العلم في أنّ القرآن معجز من جهة صرف الهمم عن المعارضة، وذلك خارج عن العادة، كخروج سائر المعجزات الّتي دلّت على النبوة، وهذا عندنا أحد وجوه الإعجاز الّتي يظهر منها للعقول … ". (٣)

ب- المقاصد الثلاثة للقائلين بالصَّرْفة بشيء من التفصيل

وقد اختلف القائلون بالصَّرْفة في بيان حقيقة ما يقصدونه بها، فقالوا: إن الله سبحانه لأجل اثبات التحدي، حال بين فصحاء العرب وبلغائهم، وبين الاتيان بمثل القرآن بأحد الأمور الثلاثة التالية:

المقصد الأول: صرف دواعيهم وهممهم عن القيام بالمعارضة، فكلما هموا بها وجدوا في أنفسهم صارفًا ودافعًا يصرفهم عن منازلته في حلبة المعارضة، ولم يكن ذلك لعدم قدرتهم

عن الانصداع لهذا الأمر، بل إن المقتضى فيهم كان تامًا، غير أن الدواعي والهمم صارت مصروفة عن الالتفات لهذا الأمر، بصرف الله قلوبهم عنه، ولولا ذلك لأتوا بمثله.

المقصد الثاني: إن الله سبحانه سلبهم العلوم التي كانت العرب مالكة لها ومتجهزة بها، وكانت كافية للإتيان بما يشاكل القرآن، ولولا هذا السلب لأتوا بمثله ..

وممن تبنى هذا القول الشريف المرتضى الشيعي الرافضي (ت: ٤٦٣ هـ)


(١) - مباحث في علوم القرآن: مناع القطان ص ٢٦١.
(٢) - سر الفصاحة: (ص: ١٠٠).
(٣) النكت في إعجاز القرآن ضمن ثلاث رسائل في إعجاز القرآن: (ص: ١١٠).

<<  <   >  >>