للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والباحث قد اكتفى ببحث ظهور أول تسجيل للقرآن الكريم كاملًا لأمرين:

الأمر الأول: لمكانته وقدره، حيث إنه يُعد اول باكورة أعمال هذا الجمع المبارك

"الجمع الصوتي".

الأمر الثاني: لتوقع خفائه على كثير من الناس.

ولم يعرج على ما ظهر من تسجيلات بعد ذلك لكثرتها وشيوعها وذيوعها وانتشارها كانتشار الشمس وسطوعها في ربيعة النهار، وفشوِّها وذيوعها ومسيرها في الدنيا كمسير الليل والنهار.

[المطلب الثاني: ضوابط في تسجيل القرآن الكريم]

إن من إجلال كلام الله تعالى العناية به من كل وجه، ومن أجلِّ تلك الوجوه العناية به عند تسجيله، فالقرآن كما اعتني به في جمعه في عهوده الثلاثة فضُبِطَ محفوظًا في الصدور، وضُبِطَ كذلك مكتوبًا في السطور، فينبغي كذلك أن يُضبط عن تسجيله عبر وسائل التسجيل المتنوعة المعاصرة.

[تنبيه من الأهمية بمكان]

من الأهمية بمكان في هذا المبحث الهام التنبيه على أمور عظام من أجلها ما يلي:

أولًا: من المعلوم والمشاهد أن هناك تسجيلات لتلاوات كثيرة مختلفة ومتناثرة في الإذاعات ووسائل البث لا يُحصي عددها كثرة إلا الله

ثانيًا: من هذه التسجيلات ما نال واستحق درجة الإتقان لكنه لم يخضع لإشراف أي جهة علمية متخصصة ومعتمدة وموثوقة

ثالثًا: يجب أن تخضع تلك التسجيلات لرقابة وإشراف لجان علمية معتمدة من أئمة التخصص، وذلك لضمان إخراجها خالية من أي خطأ من جهة، ولتحوز على اطمئنان المسلمين لها والثقة فيها من جهة أخرى.

رابعًا: لو أردنا أن نقيس الجمع الرابع للقرآن ألا وهو "الجمع الصوتي" على جمعه في عهديه الثاني والثالث في عهد الخليفتين الراشدين لوجدنا أنهما مع ثقتهم في الصحابة أجمعين إلا أنهما كونا لجنة بقيادة زيد بن ثابت ووضعوا لها من الأسس والضوابط والشروط المحكمة التي تضمن بها بعد توفيق الله وإعانته خروج المصحف سالمًا من الأخطاء.

خامسًا: اللجان العلمية التي تشرف على الجمع الصوتي يجب أن تشبه لجنة الجمع في عهديه الثاني والثالث، فكما أن اللجنة المشرفة على الجمع في ذانك العهدين كانت

على أعلى مستوى من الخبرة والإتقان والأمانة والديانة، فكذلك يجب أن يكون الأمر نفسه في لجان الجمع الصوتي، فَتُكَوَّن لجانٌ علمية على أعلى مستوى من علماء القراءات والتجويد المشهود لهم بالإمامة في ذلك من أهل عصرهم من قبل هيئات علمية متخصصة ومعتمدة، وكما أن الجمع في هذين العهدين كان بصفة رسمية ممن ولاهم الله أمر المسلمين، فكذلك يجب في هذا

<<  <   >  >>