للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليه وسلم- ممتنع عقلًا وشرعًا غاية الامتناع،؟ لأن الله عصمه جل في علاه، فهذا الوعيد والتهديد الشديد في حق من دونه أحق وأولى.

خطب الحجاج، فقال: إن ابن الزبير يبدل كلام الله تعالى،

قال: فقال ابن عمر رضي الله عنهما: كذب الحجاج؛ إن ابن الزبير لا يبدل كلام الله تعالى ولا يستطيع ذلك. (١)

وهذا من فقهه- رضي الله عنه- وَسَعَة علمه بكتاب ربه جل في علاه.

وقال تعالى عن التوراة وهو من الكتب السابقة المنزلة، وقد أنزله على نبيه موسى بن عمران-عليه السلام-: (إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِن كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ) (المائدة: من آية: ٤٤)

والضمير في قوله: (استحفظوا) يعود على علمائهم وقرائهم وفقهائهم، وهذا القول، أعني عود الضمير في (استحفظوا)، لا أعلم له خلافًا بين أهل التفسير، وهو واضح جلي.

يقول ابن كثير رحمه الله:

أي: بما استودعوا من كتاب الله الذي أمروا أن يظهروه ويعملوا به. (٢)

"ومن لطائف القاضي إسماعيل بن إسحاق بن حماد ماحكاه عياض في المدارك عن أبي الحسن بن المنتاب قال: كنت عند إسماعيل يومًا فَسُئِل: لما جاز التبديل على أهل التوراة ولم يجز التبديل

على أهل القرآن؟. فقال لأن الله تعالى قال في أهل التوراة (بما استحفظوا من كتاب الله) فوكل الحفظ إليهم، وقال في القرآن (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) فتعهد الله بحفظه فلم يجز التبديل على أهل القرآن.

قال: فذكرت ذلك للمحاملي فقال لا أحسن من هذا الكلام". (٣)

وقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) (فصلت: ٤١ - ٤٢)

يقول الطبري رحمه الله:


(١) - رواه البيهقي في " الأسماء والصفات " (١/ ٥٩٦) بسند صحيح.
(٢) - ابن كثير (٣/ ١١٧)
(٣) - يُنظر: تفسير ابن عاشور: التحرير والتنوير للطاهر بن عاشور (٦/ ٢٠٩). التحرير والتنوير «تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد» المؤلف: محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسي (المتوفى: ١٣٩٣ هـ) الناشر: الدار التونسية للنشر - تونس سنة النشر: ١٩٨٤ هـ عدد الأجزاء: ٣٠ (والجزء رقم ٨ في قسمين).

<<  <   >  >>