للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى من نزل عليه القرآن صلى الله عليه وسلم، والذي تلقَّاه عن جبريل عليه السلام، كما الله تبارك وتعالى ذلك بقوله سبحانه: (وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ) (النمل: ٦)، وقوله (وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ) أي: يلقى عليك فتلقاه وتعلمه وتأخذه (١). وقد جاء جليًا صريحًا ذُكْرُ من عَلَّمَهُ وتلقَّاه عنه في قوله تعالى: (عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى) (النجم: ٥)، و (شَدِيدُ الْقُوَى) هو جبريل عليه السلام.

وإن رب العزة جل في علاه قد تكلم بالقرآن بحرف وصوت، وسمعه جبريل عليه السلام كذلك من رب العزة بحرف وصوت فنزل به على قلب النبي صلى الله عليه وسلم فبلغه إياه كما سمعه، وقد قال في ذلك سبحانه: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ) (الشعراء: ١٩٣ - ١٩٥).

فَوَعّاه اللهُ قَلْبَهُ وثَبَتَه فيه فلا ينْساه أَبدًا، وقد بَلَّغَهُ صلى الله عليه وسلم لأمته كما تلقَّاه وسمع من جبريل عليه السلام دون أدنى تصرف فيه. (٢)

مفهوم الإجازة القرآنية:

والإجازة القرآنية: هي عمليةُ النَّقلِ الصوتيِّ للقرآن الكريمِ من جيلٍ إلى جيل، وفيها يَشهدُ المُجيزُ أنَّ تلاوةَ المُجازِ قد صارت صحيحةً مئةً بالمئةِ بالنسبةِ للروايةِ - أو الرواياتِ - التي أجازَهُ بها، ثم يَأذَنُ له أَنْ يَقرأَ ويُقرِئَ غَيرَه القرآنَ الكريمَ. (٣)

وعلى هذا فالإجازة المعتبرة يسمع فيها الشيخُ المُجيزُ من القارئ المُجَاز القرآن كله من فاتحته إلى خاتمته حرفًا حرفًا، وهو يتلقاه عنه طرفًا طرفًا.

أهميةُ الإجازةِ

مما لا شكَّ فيه أنَّ طلبَ الإجازةِ في قراءةِ القرآنِ الكريمِ، قراءةً صحيحةً، متَّصلةَ السَّنَدِ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أمرٌ محمودٌ شرعًا، كيف لا وقد جاء عن بعضِ السلَفِ رحمَهم اللهُ الرِّحلةُ في طلب الحديث؟ فالرِّحلةُ في طلبِ إتقانِ تلاوةِ القرآنِ مِن بابِ أَوْلى، وصاحبُها مأجورٌ مشكور.

وتبرُزُ أهميةُ الإجازةِ بأنه: لا يَصحُّ لأحدٍ أن يُقرئَ القرآنَ الكريم، حتى يأخذَه أخذًا كامِلًا من أفواهِ المشايخِ العارفين المُتقِنين، ويُؤذَنَ له بالإقراء، فإن لم يُؤذنْ له بالإقراءِ فلا ينبغي أن يُقرئَ القرآنَ


(١) - تفسير القرطبي (٧/ ١٠٥).
(٢) - و (القرآن كلام الله، منه بدا، بلا كيفية قولا، وأنزله على رسوله وحيا، وصدقه المؤمنون على ذلك حقا، وأيقنوا أنه كلام الله تعالى بالحقيقة ليس بمخلوق ككلام البرية. فمن سمعه فزعم أنه كلام البشر فقد كفر (الطحاوية ١/ ١٦٨ (اللجنة العلمية).
(٣) المعايير العلمية لتعليم القرآن الكريم في مجال الإجازة القرآنية بالسند المتصل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم، المجلس العالمي لشيوخ الإقراء، بتاريخ: ٢٥ ربيع الآخر ١٤٤٠ هـ.

<<  <   >  >>