للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والحجارة، وقِطع الجلد، والرِّقاع من الورق، والعظام، ثم يوضع المكتوب في بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، وقد اعتنى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بكتابة القرآن الكريم كاعتنائه بحفظه؛ فلم يكتفِ بحفظه في صدور المسلمين، بل جمع مع ذلك حفظَه في السُّطور زيادةً في التَّوَثُّق والضَّبط والاجتهاد، وكلَّما نزل شيءٌ من القرآن الكريم أمر - صلى الله عليه وسلم -

صحابته بكتابته، فيقول: (ضَعُوا هؤلاءِ الآياتِ في السورةِ التي يُذْكَرُ فيها كذا وكذا)، (١) وذلك مبالغةً في الضَّبط والاحتياطِ لكتاب الله تعالى، ولم ينقضِ العهد النَّبويُّ إلا والقرآن مجموعٌ على هذا النَّمط. (٢)

والرواية سالفة الذكر وإن كانت ضعيفة إلا أن لها شواهد أخر صحيحة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر ما أخرجه أحمد في المسند بإسناد حسن عن عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا إِذْ شَخَصَ بِبَصَرِهِ ثُمَّ صَوَّبَهُ حَتَّى كَادَ أَنْ يُلْزِقَهُ بِالأَرْضِ قَالَ ثُمَّ شَخَصَ بِبَصَرِهِ فَقَالَ أَتَانِي جِبْرِيلُ-عَلَيْهِ السَّلام- فَأَمَرَنِي أَنْ أَضَعَ هَذِهِ الآيَةَ بِهَذَا الْمَوْضِعِ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (النحل: ٩٠). (٣).

ومنها كذلك ما ثبت عند البخاري من حديث ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: قُلْتُ لِعُثْمَانَ هَذِهِ الْآيَةُ الَّتِي فِي الْبَقَرَةِ (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا) إِلَى قَوْلِهِ (غَيْرَ إِخْرَاجٍ) (البقرة من آية: ٢٤٠) قَدْ نَسَخَتْهَا الأُخْرَى فَلِمَ تَكْتُبُهَا قَالَ تَدَعُهَا يَا ابْنَ أَخِي لا أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْهُ مِنْ مَكَانِهِ". (٤)

والمصنفات التي اعتنى فيها أصحابها بتراجم الأعلام عرفوهم بكتاب الوحي كالخلفاء الأربعة وعبد الله بن عمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان وزيد بن ثابت وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين.


(١) - رواه ابن حجر العسقلاني، في موافقة الخبر الخبر، عن عثمان بن عفان، الصفحة أو الرقم: ١/ ٤٤، "حسن". والحقيقة أنه ضعيف، ويُنظر: تحقيق الألباني: ضعيف، ضعيف أبي داود: (١٤٠)، عندنا برقم (١٦٨/ ٧٨٦). ولكن له شواهد صحيحه تشهد له. الباحث.
(٢) - عبد الله شحاته، علوم القرآن، القاهرة: دار غريب، صفحة ٢٠ - ٢١. بتصرّف.
(٣) المسند: (٤/ ٢١٨). في سند الحديث ليث بن أبي سليم، وهو صدوقٌ اختلط جدًّا ولم يتميز حديثُه فتُرِكَ. يُنظر: تقريب التهذيب ص ٥٤٢. وكأنه اشتبه عليه عثمانُ بن مظعون بعثمان بن أبي العاص.
قال في ابن كثير: "تفسيره": "هذا إسناد لا بأس به، ولعله عند شهر بن حوشب من الوجهين، والله أعلم". يُنظر: تفسير ابن كثير (٤/ ٢٢٠).
وقال الهيثمي: "إسناده حسن". يُنظر: مجمع الزوائد (٧/ ٤٩).
(٤) - رواه البخاري برقم: (٤٥٣٦)

<<  <   >  >>