للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإنما كان الأمر كذلك بسبب اختلاف وتنوع أدوات الكتابة التي كتب عليها القرآن الكريم وجُمِعَ وقُيِدَ فيها.

٣ - والجمع في هذ العهد لم يتم فيه جمع المصحف كاملًا في صحيفة واحدة في مكان واحد.

٤ - ومن أبرز خصائص هذا الجمع ومزاياه موافقة ما هو مكتوب في السطور لما هو محفوظ في الصدور، لا يزيد عنه ولا ينقص ولا يختلف منه شيء أبدًا لا في سورة، أو آية، أو كلمة، أو حركة منه ..

ومما يؤكد ذلك المعنى تمامًا ما رواه مسلم في صحيحه (٨١٠) عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم-: يَا أَبَا الْمُنْذِرِ أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَعَكَ أَعْظَمُ؟ قَالَ قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ؟ قَالَ يَا أَبَا الْمُنْذِرِ أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَعَكَ أَعْظَمُ؟ قَالَ قُلْتُ (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) قَالَ فَضَرَبَ فِي صَدْرِي وَقَالَ: (وَاللَّهِ لِيَهْنِكَ الْعِلْمُ أَبَا الْمُنْذِرِ). (١)

فقوله- صلى الله عليه وسلم-: (أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَعَكَ) يقصد به القرآن المحفوظ الذي جمعه أُبَيِّ -رضي الله عنه- في صدره.

يقول زيد بن ثابت الأنصاري (ت: ٤٥ هـ) - رضى الله عنه -: (٢)

"كنا عند رسول الله- صلى الله عليه وسلم - نؤلّف القرآن من الرّقاع". (٣). والتأليف هنا بمعناه اللغوي ألا وهو الجمع

قال ابن فارس (ت: ٣٩٥ هـ) - رحمه الله -: -

"الهمزة، واللام، والفاء أصل واحد، يدلُّ على انضمام الشيء إلى الشيء، وكلُّ شيءٍ ضممتَ بعضَه إلى بعضٍ فقد ألفته تأليفًا". (٤)

وهو يعني جمع الشيء إلى مثيله ونظيره، وقد عرفه بعضهم بأنه: "جمع الأشياء المتناسبة". (٥)

قال البيهقي: (ت: ٤٥٨ هـ) - رحمه الله -:


(١) - رواه مسلم: (٨١٠).
(٢) - قيل إنّه تُوفّي في سنة خمس وأربعين للهجرة، وقيل في سنة خمس وخمسين للهجرة.
(٣) - يُنظر: الوجيز في فضائل الكتاب العزيز محمد بن أحمد الأندلسي القرطبي دار الحديث تحقيق علاء الدين علي رضا.
(٤) -مقاييس اللغة، مادة (ألف) (١/ ١٣١).
(٥) - يُنظر: كتاب الكليات، وهو معجم في المصطلحات والفروق اللغوية، لأبي البقاء أيوب بن موسى الحسيني الكفوي، تحقيق: عدنان درويش - محمد المصري، الناشر: مؤسسة الرسالة - بيروت - ١٤١٩ هـ - ١٩٩٨ م، ص (٤٤٠).

<<  <   >  >>