للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العرب)، وهم أصحاب مسيلمة الكذاب، ومن سلك مذهبهم في إنكار نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وصنفًا آخر: هم الذين فرقوا بين الصلاة والزكاة، وهؤلاء على الحقيقة أهل بغي". (١)

وممَّن قرر هذا التقسيم كذلك ابن حزم الأندلسي (ت: ٤٥٦ هـ) في محض كلامه عن أصناف المرتدين حيث يقول-رحمه الله- في "المحلى":

" … والقسم الثاني: قوم أسلموا، ولم يكفروا بعد إسلامهم، ولكن منعوا الزكاة من أن يدفعوها إلى أبي بكر -رضي الله عنه- فعلى هذا قوتلوا". (٢)

وقد قرر هذا التقسيم أيضًا جمع من العلماء الأعلام، منهم:

أبو عمر ابن عبد البرـ وابن المنذر، والماوردي صاحب التفسير، والقاضي عياض، وابن العربي المالكي، والبغوي، والنووي، وابن حجر، وغيرهم كثير. (٣)

وكذلك هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية (ت: ٧٢٥ هـ) - رحمه الله -، ولقد كان له بعض الأقوال والتقريرات التي يبدو ويظهر منها أنه يرى أن الصحابة- رضي الله عنهم- كانوا يفرّقون بين أصناف المرتدين، فيجعلون بعضهم كفارًا، كالمرتدين من أتباع مسيلمة الكذاب، وبعضهم مسلمين بغاة لهم سائر أحكام أهل القبلة كما ذكر ذلك أبو العباس القرطبي في المفهم والنووي في

شرحه لمسلم، ومن تلك الأقوال والتقريرات: أنه جعل قتال مانعي الزكاة من جنس قتال أهل القبلة، فقال -رحمه الله-:

"والعلماء لهم في قتال من يستحق القتال من أهل القبلة طريقان: منهم من يرى قتالاً علي يوم حروراء ويوم الجمل وصفين كله من باب قتال أهل البغي، وكذلك يجعل قتال أبي بكر لمانعي الزكاة، وكذلك قتال سائر من قوتل من المنتسبين إلى القبلة، كما ذكر ذلك من ذكره من أصحاب أبي حنيفة والشافعي ومن وافقهم من أصحاب أحمد وغيرهم". (٤)


(١) أعلام السنن، الخطابي (١/ ٧٤١).
(٢) المحلى، ابن حزم (١١/ ١٩٣).
(٣) - يُنظر: الاستذكار، ابن عبد البر (٩/ ٢٦٦)، والإشراف على مذاهب أهل السنة، ابن المنذر (٣/ ٢٥٤)، والحاوي، الماوردي (١٣/ ٢١١)، وشرح السنة، البغوي (٥/ ٤٨٩)، وإكمال المعلم بفوائد مسلم، القاضي عياض (١/ ٢٤٣)، وعارضة الأحوذي، ابن العربي (١٠/ ٧٣)، وشرح صحيح مسلم، النووي (٢/ ٢٠٢)، وفتح الباري، ابن حجر (١٢/ ٢٧٦)، وإكمال إكمال المعلم، الأُبي (١/ ١٧٣)، وغيرها كثير.
(٤) - يُنظر: مجموع الفتاوى: (٢٨/ ٥١٥).

<<  <   >  >>