للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

له، ولينضم العدد إلى العدالة، وكانوا هؤلاء؛ لاشتهار ضبطهم ومعرفتهم. وكتبوه مائة وأربعة عشر سورة، أولها "الحمد" وآخرها "الناس" على هذا الترتيب. (١)

يتضح من كلام النويري أنه يرى بأن نسخ أبي بكر كان كاملاً مرتب الآيات والسور أيضًا، وأنه استند إلى المكتوب، والمحفوظ عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، لا فرق بين الآيات والسور في التوقيف، ولذا أمرهم-عثمان- بالنسخ منه.

القول السابع: قول أبي جعفر النحاس (ت: ٣٣٨ هـ) حيث يقول -رحمه الله-:

"إن تأليف السور على هذا الترتيب من رسول الله- صلى الله عليه وسلم- (٢).

القول الثامن: قول أبي الحسن ابن الحصَّار (ت: ٦٢٠ هـ) حيث يقول -رحمه الله-:

"ترتيب السور ووضع الآيات موضعها إنما كان بالوحي". (٣)

القول التاسع: قول البغوي (ت: ٥١٦ هـ) حيث يقول -رحمه الله-:

إن الصحابة- رضي الله عنهم-، جمعوا بين الدفتين القرآن الذي أنزله الله سبحانه وتعالى على رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، من غير أن زادوا فيه، أو نقصوا منه شيئًا … فكتبوه كما سمعوا من

رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، من غير أن قدموا شيئًا أو أخروا … فثبت أن سعي الصحابة كان في جمعه في موضع واحد، لا في ترتيبه، فإن القرآن مكتوب في اللوح المحفوظ على الترتيب الذي هو في مصاحفنا، أنزله الله تعالى جملة واحدة في شهر رمضان ليلة القدر إلى السماء الدنيا، كما قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْءَانُ} (البقرة: ١٨٥)، وقال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} (القدر: ١) (٤).

كلام البغوي في غاية الدقة، فهو يرى أن القرآن الذي في أيدينا ما زال كما كان في اللوح المحفوظ، فكان مرتبًا، ونزل مرتبًا إلى السماء الدنيا بكامل آياته وسوره، وأنه وإن نزل منجمًا بعد ذلك على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فقد جُمع بالوحي كما كان في اللوح المحفوظ، وكتبه الصحابة- رضي الله عنهم- على هذا الجمع الذي تعلموه من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ.


(١) - شرح طيبة النشر (١/ ١٠٩).
(٢) -البرهان: الزركشي ج ١ ص ٢٥٩، والإتقان للسيوطي ط ١ ص ٦٢.
(٣) - الإتقان: السيوطي ج ١ ص ٦٢.
(٤) شرح السنة للبغوي: (٤/ ٥٢١). ويُنظر: المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود: ٥/ ٢٠٦.

<<  <   >  >>