للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كذلك خرق هذا العمل الذي أجمعت الأمة عليه، وإنما المعنى بذلك هو كتب التفسير، لأن أمر المصاحف لا يتجرأ أحدُ على مخالفته البتة إلا مما نادى بعض المستشرقين كما سيأتي بيانه.

٢ - تحزيب الصحابة- رضي الله عنهم- للقرآن

ومما استدلوا به كذلك على أن ترتيب السور توقيفي تحزيب القرآن وفي ذلك

يقول الحافظ ابن حجر (ت: ٨٥٢ هـ) -رحمه الله تعالى:

"ومما يدل على أن ترتيب المصحف كان توقيفيًّا ما أخرجه أحمد وأبو داود وغيرهما عن أوس بن أبي أوس عن حذيفة الثقفي قال: كنت في الوفد الذين أسلموا من ثقيف … وفيه … فسألنا أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم - قلنا: كيف تحزبون القرآن؟ قالوا: نحزبه ثلاث سور، وخمس سور، وسبع سور، وتسع سور، وإحدى عشرة، وثلاث عشرة، وحزب المفصل من "ق" حتى نختم". ثم قال ابن حجر: "فهذا يدل على أن ترتيب السور على ما هو في المصحف الآن كان في عهد النبي- صلى الله عليه وسلم - ". (١)

وهذا أيضًا دليل واضح جلي ذكره الحافظ في الفتح واستدل به على أن ترتيب السور على ما هو عليه في المصحف الأن كان كذلك في عهد تنزله الأول على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-.

٣ - النظم الترتيبي لبعض السور المتشابهة في مفتتحها، وفي ذلك يقول السيوطي -رحمه الله تعالى-:

"ومما يدل على أنه توقيفي كون الحواميم رتبت وَلاءً "يعني متوالية" وكذا الطواسين، ولم ترتب المسبحات وَلاءً، بل فصل بين سورها وفصل بين "طسم" الشعراء و"طسم" القصص بـ "طس"

مع أنها أقصر منهما، ولو كان الترتيب اجتهادًا لذكرت المسبحات وَلاءً، وأخرت "طس" عن القصص". (٢) وقد مر ذكره عند عرض أقوال القائلين بتوقيف ترتيب السور.

وهذا الترتيب الدقيق الذي ذكره السيوطي للسور المتشابهات في مفتتحها ومطلعها وصفة ترتيبها وتتابعها بتك الدقة المتناهية من سور "آل حميم" وسور "آل طسم"، إذ إن سور "آل حم" السبع


(١) - فتح الباري: ابن حجر العسقلاني ج ٩ ص ٤٢، ٤٣.
(٢) - الإتقان: السيوطي ج ١ ص ٦٣.

<<  <   >  >>