للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالرد عليه وجوابه:

أنه لا أصل لهذه الجملة بهذا اللفظ في كتاب السيوطي " الإتقان " ولا في غيره من كتب المسلمين، وأصل ورود هذه الجملة فيما رواه سعيد بن منصور في " تفسيره " قال:

حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال: " لا يقولن أحدكم: أخذت القرآن كله، وما يدريه ما كله، قد ذهب منه قرآن كثير، ولكن يقول: أخذنا ما ظهر منه ". (١)

والمقصود من كلام ابن عمر (ت: ٧٣ هـ) - رضي الله عنهما-:

أنه لا يستطيع أحد الجزم بإحاطته بحفظ كل ما نزل من القرآن؛ لأنه ثمة آيات نزلت ثم رفعت، وهو ما يسمى " نسخ التلاوة "، وقد صرَّح ابن عمر بذلك بنفسه في قوله: " كان يكره أن يقول الرجل قرأت القرآن كله؛ إنَّ منه قرآنًا قد رُفع " كما في رواية " ابن الضرِّيس " عنه، ولذا فقد روى هذا الأثر الإمام أبو عبيد القاسم بن سلاَّم وبوَّب عليه: " باب ما رُفع من القرآن بعد نزوله ولم يثبت في المصاحف "، وذكره السيوطي في كتابه " الإتقان " في " باب نسخ التلاوة". (٢)

وأثر ابن عمر (ت: ٧٣ هـ) - رضي الله عنهما-:

إنما يُستدل به على أن ما نُسِخَ من القرآن يسمى قرانًا، وأما قوله: " قد ذهب منه قرآن كثير" فإنما قصد بـ " القرآن" - هنا- المنسوخ منه، أي قد رُفِعَ منه قرآن كثير بالنسخ ..

ولقد أورد صاحب "الإتقان" أثر ابن عمر (ت: ٧٣ هـ) - رضي الله عنهما- في باب "ما نسخ تلاوته دون حكمه"،

حيث يُوضح ويقول -رحمه الله-:

الضَّرْبُ الثَّالِثُ مَا نُسِخَ: تِلَاوَتُهُ دُونَ حُكْمِهِ وَقَدْ أَوْرَدَ بَعْضُهُمْ فِيهِ سُؤَالًا وَهُوَ مَا الْحِكْمَةُ فِي رَفْعِ التِّلَاوَةِ مَعَ بَقَاءِ الْحُكْمِ وَهَلَّا بَقِيَتِ التِّلَاوَةُ لِيَجْتَمِعَ الْعَمَلُ بِحُكْمِهَا وَثَوَابِ تِلَاوَتِهَا:


(١) سنن سعيد بن منصور- تحقيق الدكتور سعد بن عبد الله الحميد - ج ٢ ص ٤٣٢ - ٤٣٣
(٢) الجواب عن إشكالات توهَّم السائل أنها تدل على أن القرآن غير محفوظ، الإسلام سؤال وجواب، بتاريخ: ١١/ ٦/ ٢٠١٢ م. بتصرف يسير.

<<  <   >  >>