للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تقسيم تدليس الأعمش:

قسم الذهبي تدليس الأعمش في "ميزان الاعتدال" فقال:

وهو- الأعمش - يدلس وربما دلس عن ضعيف ولا يدري به، فمتى قال: أخبرنا فلان- فلا كلام-، ومتى قال: "عن" تطرق إليه احتمال التدليس، إلا في شيوخ له أكثر عنهم كإبراهيم، وأبي وائل، وأبي صالح السمان، فإن روايته عن هذا الصنف محمولة على الاتصال. (١)

والذهبي هنا: يتفق تمامًا مع الشَّاذَكُوْنِيُّ أنه إذا حدث بالتصريح بصيغة أخبرنا فلان، أو بما يقوم مقامها من صيغ التصريح بالتحديث- فلا كلام-، يعني: أن حديثه مقبول، وهو يعني كذلك: أنه إذا عنعن دلس كذلك.

والبخاري قد أعل خبرًا للأعمش:

والإمام البخاري قد أعل في "التاريخ الصغير" خبرًا رواه الأعمش عن سالم، يتعلق بالتشيع، فقال -رحمه الله-: "والأعمش لا يُدرَى سمع هذا من سالم أم لا؛ قال أبو بكر بن عياش عن الأعمش أنه قال: نستغفر الله من أشياء كنا نرويها على وجه التعجب، اتخذوها دينًا". (٢)

موقف شعبة بن الحجاج الأزدي (ت: ١٦٠ هـ)، من مرويات المدلس:

وهذا شعبة بن الحجاج الأزدي إمام المحدثين في العراق: يرد جميع مرويات المدلس التي لم يصرّح فيها بالسماع ولو كان قتادة.

فيقول -رحمه الله-:

"كنتُ أتَفَطَّن إلى فَمِ قتادة: فإذا قال "حدَّثَنا "، كتبتُ. وإذا قال "حَدَّثَ"، لم أكتب". (٣) وقد أسند ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" عن عبد الرحمن بن مهدي قال: سمعت شعبة يقول: «كنتُ أنظرُ الى فم قتادة: فإذا قال للحديث "حدَّثنا" عنيت به، فوقفته عليه. وإذا لم يقل "حدثنا" لم أعْنَ به". (٤)


(١) ميزان الاعتدال" (٣/ ٣١٦).
(٢) - التاريخ الصغير، للبخاري: (ص ٦٨)، وكتاب: التاريخ الصغير ويُسمّى: التاريخ الأوسط وسبب هذا الاختلاف في تسميته هو أن: الإمام البخاري لم يُسمِّ كتابه هذا. وقد قال في المقدمة: كتاب مختصر من تاريخ النبي-صلى الله عليه وسلم- والمهاجرين والأنصار وطبقات التابعين لهم بإحسان ومن بعدهم ووفاتهم وبعض نسبهم وكناهم ومن يرغب في حديثه وقد استفاض أنساب قوم عند أهليهم فتداولوها وعرفها الناس بشهرتها فإن تنازعوا في شيء منها احتج حينئذ إلى البيان والحجة.
(٣) - يُنظر: تاريخ ابن معين: (رواية عثمان الدارمي) (١/ ١٩٢).
(٤) -الجرح والتعديل لابن أبي حاتم: (١/ ١٦٩).

<<  <   >  >>