للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلنا: كان عليه -رحمه الله- أن يثبت هنا أمرين:

الأمر الأول: إثبات ما نقله عن الحافظ-ابن حجر- من تصحيحه لأثر إنكار ابن مسعود -رضي الله عنه- للمعوذتين-.

فقد اكتفى -رحمه الله- بقوله هذا، ولم يسند هذا القول، بل عزاه فقط لابن حجر دون ذكر أي مصدر له.

الأمر الثاني: كان عليه في حال ثبوت هذا الأثر لديه، التحقيق والنظر والتأمل فيه ومناقشته ومدارسته وتفنيده ودحضه وإبطاله.

ولكنه اكتفى بقوله: إذا فليحمل هذا الإنكار على أولى حالات ابن مسعود جمعًا بين الروايتين.

وقد مر بحمد الله معنا إثبات حجتين منافيتين لما ذكره الزُّرْقاني -رحمه الله-:

الحجة الأولى: تعليق الحافظ -ابن حجر- نفسه- في جوابه عن رواية حديث المعوذتين عند البخاري، بقوله: " هَكَذَا وَقَعَ هَذَا اللَّفْظ مُبْهَمًا "، وقوله: " وَهَذَا أَيْضًا فِيهِ إِبْهَام ". وقول الحافظ هذا مناف لما نسبه إليه الزرقاني له هنا.

الحجة الثاني: كما أنه قد مر معنا ولله الحمد كذلك مناقشة أبرز تلك الآثار والكلام على رواتها ومروياتهم، وقد تأكد لدينا ولله الحمد بطلان نسبة ذلك كله لابن مسعود -رضي الله عنه- ولو احتمالًا.

وكان المأمول من الزُّرْقاني -رحمه الله- في مثل هذا الصدد ما يلي:

أ- عرض الآثار الواردة في هذا الصدد أولًا، - فهو- قد اكتفى بالإشارة فحسب ولم يذكر الآثار.

ب- عقد مناقشة لتلك الآثار رواية ودراية، ومناقشتها في ضوء ما سبق ذكره ومناقشته لمثلها مما سبق بيانه ومدارسته وتفنيده لتك الآثار الواهية.

وكررنا الأمر هنا ليتقرر.

ولو اكتفى الزُّرْقاني -رحمه الله- بما صَدَّرَ به كلامه بقوله: "على فرض صحته"، -وله كلام بعده نفيس جدًا لم ننقله لطوله- فلو انتهى إلى ذلك لكان حسنًا منه، وقد قيل: "قَدْ أَحْسَنَ مَنْ انْتَهَى إِلَى مَا سَمِعَ". (١)

القول الحادي عشر: قول العلامة عَطِيَّة بن مُحَمَّد سَالِم -رحمه الله- (ت: ١٤٢٠ هـ)


(١) - وهو من كلام سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ" لـ " حصين بن عبد الرحمن، في محاورته حول الحديث المشهور الذي ذكر فيه " … هذِه أُمَّتُكَ ومعهُمْ سَبْعُونَ ألْفًا يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ بغيرِ حِسابٍ ولا عَذابٍ"، والحديث رواه مسلم في صحيحه: برقم: (٢٢٠).

<<  <   >  >>