للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال ابن كثير (ت: ٧٧٤ هـ) -رحمه الله-:

اقرأه قراءة على تمهل، فإنه يكون عونًا على فهم القرآن، وتدبره. (١)

وقال تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} (الرحمن: ١ - ٤).

قال ابن النحاس (٢):

من التبيين تفصيل الحروف والوقف على ما تم معناه منها. (٣)

وقد حكى ابن النحاس وأبو عمرو الداني وغيرهما، إجماع العلماء على أهمية مراعاة الوقف والابتداء (٤).

واستدلوا على ذلك بقول عبد الله بن عمر (ت: ٧٣ هـ) - رضي الله عنهما-:

لَقَدْ عِشْنَا بُرْهَةً مِنْ دَهْرِنَا … ثُمَّ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ رِجَالًا يُؤْتَى أَحَدُهُمُ الْقُرْآنَ فَيَقْرَأُ مَا بَيْنَ فَاتِحَتِهِ إِلَى خَاتِمَتِهِ مَا يَدْرِي مَا أَمْرُهُ وَلَا زَاجِرُهُ، وَلَا مَا يَنْبَغِي أَنْ يُوقَفَ عِنْدَهُ مِنْهُ يَنْثُرُهُ نَثْرَ الدَّقَلِ (٥) .. (٦)

وهذا الأثر يبين مكانة الوقف والابتداء عند الصحابة رضي الله عنهم، ومدى عنايتهم به على النحو الذي تلقوه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن عنايتهم به كانت كعنايتهم بمعرفة معاني القرآن الكريم، والوقوف على حلاله وحرامه ولقد شبّه ابن عمر رضي الله عنهما عدم العناية بالقراءة بنثر الدقل، الذي هو رديء التمر ويابسه.

عناية السلف بالوقف والابتداء

لقد اشتهر اعتناء السلف رحمهم الله تعالى، بهذا العلم حتى عد ابن الجزري ذلك متواتر عنهم …


(١) - تفسير ابن كثير (٤/ ٣٦٣) وقيل: إن عليًا رضي الله عنه سئل عن هذه الآية فقال: الترتيل تجويد الحروف ومعرفة الوقوف" النشر (٢٩٨) (١، ٣١٦) ولم أجده (الميموني) في التفاسير التي تعتني بالمأثور وقد رواه الهذلي في الكامل ورقة (٣٤) (مخطوط) ينظر الوقف والابتداء للغزال (١/ ٦) رسالة دكتوراه تحقيق الدكتور العثمان إشراف الشيخ محمد محمد سالم محيسن.
(٢) أبو جعفر النحاس نحوي مصري، ولد بالفسطاط وأخذ النحو عن مشايخها، ثم رحل إلى بغداد وأخذ عن الزجّاج والأخفش الأصغر والمبرد ونفطويه، توفي بالفسطاط عام ٣٣٨ هـ. يُنظر: الموسوعة الحرة "ويكيبيديا".
(٣) القطع لابن النحاس (١/ ٧٤).
(٤) -القطع (١/ ٨٧) والكتفي (١٣٥) والنشر (١/ ٢٢٥).
(٥) بفتح الدال المهملة بعدها قاف مفتوحة وهو رديء التمر ويابسه وما ليس له اسم خاص وقيل: هو أردأ التمر، غريب الحديث لإبراهيم الحربي (٢/ ٨٨٩) والنهاية لابن الأثير (٢/ ١٧٢).
(٦) رواه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (٤/ ٨٤)، رواه الحاكم في المستدرك (١/ ٣٥)، وقال: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَا أَعْرِفُ لَهُ عِلَّةً، ووافقه الذهبي، وصححه ابن منده في " الإيمان " (١٠٦)، والهيثمي في " مجمع الزوائد " (١/ ١٧٠).

<<  <   >  >>