للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولهذا قال القاضي ابن العربي (ت ٥٤٣ هـ) - رَحِمَه الله-:

لم يأت في معنى هذه السبع نص ولا أثر، واختلف الناس في تعينيها. (١)، كما لم ينقل عن الصحابة رضي الله عنهم ما يوضح ذلك أيضًا، كأن الأمر كان من الوضوح لهم إلى حد لا يحتاج إلى تفسير، غير ما نقله التابعي الإمام محمد بن شهاب الزهري (ت: ١٢٤ هـ) عنهم في قوله: بلغني أن تلك السبعة الأحرف إنما هي الأمر الذي يكون واحدًا، لا يختلف في حلال ولا حرام. (٢) أي أن الألفاظ المختلف في قراءتها لا يتغير معناها، وإنما الذي يتغير هو النطق والقراءة فقط.

قال القرطبي (ت ٦٧١ هـ) - رَحِمَه الله-:

اختلف الناس في المراد بالأحرف السبعة على خمسة وثلاثين قولاً ذكرها أبو حاتم محمد بن حِبّان السُبْتي. (٣) ولكنه لم يذكُرْ مِنها إلا خمسة أقوال؛ ولعل من أبرز الدواعي إلى ذلك هو أنَّ أكثَرَه هذه الأقوال غيرُ مُختارٍ، وقد صَرَّح بذلك غير واحد من أهل العلم منهم: الحافظ المُنذِري وقد نقله عنه الحافظ في الفتح (٤)، ومنهم كذلك الزركشي في البرهان وغيرهما.

وقال ابن الجزري (ت ٨٣٣ هـ) - رَحِمَه الله-:

ولا زلت استشكل هذا الحديث وأفكر فيه وأمعن النظر من نيف وثلاثين سنة حتى فتح الله على بما يمكن أن يكون صوابًا إن شاء الله وذلك إني تتبعت القراءات صحيحها وضعيفها وشاذها فإذا هي يرجع اختلافها إلى سبعة أوجه لا يخرج عنها. (٥)

وقال في موضع آخر:

وقد اختلفت أقوال العلماء في المراد بهذه الأحرف السبعة على نحو من أربعين قولًا، مع إجماعهم على أنه ليس المراد بها قراءات سبعة من القراء كالسبعة المشهورين وإن كان يظن ذلك بعض العوام، لأن السبعة لم يكونوا خلقوا ولا وجدوا، وأول من جمع قراءاتهم: أبو بكر بن مجاهد في أثناء المائة الرابعة، فلو كان الحديث منصرفًا إلى قراءة السبعة المشهورين أو سبعة من القراء الذين ولدوا بعد التابعين لأدى ذلك إلى أن يكون الخبر عاريًا عن الفائدة إلى أن يولد هؤلاء السبعة الأئمة فتوجد عنهم القراءة، ولأدى أيضًا إلى أنه لا يجوز لأحد من الصحابة أن يقرأ إلا بما يعلم


(١) -البرهان في علوم القرآن، الإمام الزركشي، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، ج ١/ ص ٢١١، طبعة دار التراث، القاهرة.
(٢) ــ أخرجه أبو داود في سننه، رقم (١٤٧٦)، بسنده عن معمر، عن الزهري.
(٣) تفسير القرطبي: (١/ ٤٢).
(٤) - يُنظر: فتح الباري: (١٩/ ٢٧، ٣١).
(٥) - النشر في القراءات العشر، لابن الجزري: (١/ ٢٦).

<<  <   >  >>