للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الغزالي: (ت: ٥٠٥ هـ) - رحمه الله -:

وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم حجَّة؛ لدلالة المعجزة على صدقه، ولأمر الله تعالى إيَّانا باتباعه، ولأنه لا يَنطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يُوحى، لكنَّ بعض الوحي يُتلى فيُسمَّى كتابًا، وبعضه لا يُتلى، وهو السنَّة. (١)

قال القرطبي (ت: ٦٧١ هـ) - رحمه الله -:

وفيها أيضًا دلالة على أن السنَّة كالوحي المنزَّل في العمل. (٢)

وفي نحو ذلك يقول شيخ الإسلام ابن تيمية (ت: ٧٢٥ هـ) - رحمه الله -:

إن ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم عن ربه، فإنه يجب الإيمان به، سواء عرفنا معناه أو لم نعرف؛ لأنه الصادق المصدوق. فما جاء في الكتاب والسنة وجب على كل مؤمن الإيمان به، وإن لم يفهم معناه. (٣)

ولقد أوجب الله تعالى على جميع العباد التسليم التام والانقياد لكل ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم دون حصول أدنى تردد أو جود أي حرج في النفس كما قال ربنا تبارك وتعالى: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) (النساء: ٦٥).

ولقد بين الله تبارك وتعالى في هذه الآية أن طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم من أسس ولوازم الإيمان، وأن مخالفته من علامات الشقاق النفاق، وقد جعلها سبحانه كذلك أصل أصيل في وجوب التحاكم إلى رسول صلى الله عليه وسلم حال حياته، وإلى شريعته التي جاء بها من عند الله بعده مماته، مع وجوب الرضى بحكمه، وعدم التسخط أو التذمر منه أو الإنكار له، المصحوب بكمال الانقياد والتسليم لما قضى، ذلك لأنه يحكم ويشرع ويقضي بما أمره الله به، فهو مبلغ لرسالات الله، عن الله، لعباد الله.


(١) - المستصفى، أبو حامد محمد بن محمد الغزالي الطوسي (المتوفى: ٥٠٥ هـ)، تحقيق: محمد عبدالسلام عبدالشافي، دار الكتب العلمية، الطبعة: الأولى، ١٤١٣ هـ - ١٩٩٣ م، (ص: ١٠٤).
(٢) - تفسير القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، أبو عبدالله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي، شمس الدين القرطبي، (المتوفى: ٦٧١ هـ)، تحقيق: أحمد البردوني، وإبراهيم أطفيش، دار الكتب المصرية - القاهرة، الطبعة: الثانية، ١٣٨٤ هـ - ١٩٦٤ م، (١٧/ ٨٥).
(٣) - مجموع الفتاوى: (٣/ ٤١).

<<  <   >  >>