الأحرف السبعة وسيلة لتبرير اجتهادات الصحابة في نصوص القرآن
ثم يقول: المشكلة من أين؟!
حسن الظن المطلق بالصحابة وبأفعالهم هو منهج أهل السنة فكان إيجاد التوجيه الشرعي لأفعالهم هو المقدم في تقييمها، فأفعالهم لها مدارك شرعية يجب على أهل السنة تحصيلها والبحث عنها، فلا يُحتمل في نظر أهل السنة أن أحدًا منهم ابتدع من عند نفسه شيئًا خالف أمر الله به، فالصحابي عندهم يعامل معاملة المعصوم وإن لم يعتقدوا عصمته، وكان لهذا المبنى الفاسد أثره الخطير في الفقه والعقيدة، وقد انصبت وتكاتفت جهود جبارة من علمائهم ولسنين متطاولة لإيجاد تأويلات وتوجيهات أو قل تلميعات لما جاء به التاريخ من مصائب ورزايا لأناس عاديين غير معصومين، ففي كل فاجعة اقترفها أحد من السلف تجد عُدّة التأويل والتخريج لهذه القاصمة جاهزة للعمل وعلى أهبة الاستعداد!
وبسبب هذا التخريج والتحسين تلغى في بعض الأحيان تعاليمٌ من الإسلام أو تخلق لها على أقل تقدير شواذ تنخدش عندها.
إلى أن قال: حيث نجد بعض علمائهم يحاول بكل جهد وكثير معاناة أن يجعل من مفهوم الأحرف السبعة مظلة تستوعب كل ما استمزجه الصحابة في قراءة نصوص القرآن بالزيادة أو النقص أو التبديل، فكانت تلك الأشكال والألوان في قراءات الصحابة والتابعين هي الحق الذي لا مرية فيه، وعليه فالرأيُ الحصيف والقول السديد في تحديد ماهية الأحرف السبعة هو الرأي المعتمِد على إيجاد المخارج لجميع ما وصل إلينا من استمزاجات السلف وعبثهم في قراءة آيات القرآن، بشرط أن لا تخرج أي من تلك الاجتهادات عن كونها مصداقًا لمفهوم الأحرف السبعة، ومن ثم يقال لك: إن هذه الاختلافات والتغاير في قراءات القرآن إنما تمت تحت مباركة النصوص النبوية وعلى شريعة رب الصحابة! فصار تكلفًا ما بعده تكلف وتحميلًا واضحًا وتعسفًا فاضحًا. الدين! وكثير من هذه الموارد. (١)
نقول: والحق ما شهدت به الأعادي، فإن حسن الظن بالمسلم عمومًا مطلب شرعي قررته الشريعة وحثت عليه ورغبت فيه، وإن حسن الظن بالصحابة وبأفعالهم هو منهج أهل السنة، لما لهم من
المكانة وحسن الديانة والفضل والسبق للإيمان وشرف الصحبة وتزكية الرب جل في علاه … مع عدم اعتقاد عصمتهم.
(١) - إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف، لأبي عمر صادق العلائي، (الرافضي)، المبحث الأول: الأحرف السبعة: (ص: ١٧٥ - ١٧٦).