للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نقول: لاشك في أن هذا عين الكذب والنفاق، و "إن الله وصف المنافقين في غير موضع بالكذب والغدر والخيانة. وهذه الخصال لا توجد في طائفة أكثر منها في الرافضة" (١)

أما قوله: أن أهل السنة لم يعتمدوا أي دليل ناهض، يعني أنهم لم يعتمدوا أي دليل يروق للرافضة، وقد صدق في ذلك، لأنهم ينكرون ثبوت حديث الأحرف السبعة، بل ينكرون السنة بالكلية، فحجية ثبوت حديث الأحرف السبعة عند السنة لم تثبت عندهم، فالقوم معذرون لاختلاف مصادر التلقي عند الفريقين.

ثم هو يتهكم ويقول:

وصلت استمزاجات القوم في تفسير معنى الأحرف السبعة إلى أربعين قولًا وذلك إلى زمان العلامة جلال الدين السيوطي، والله العالم إلى إي عدد وصلت اليوم؟! (٢)

ويعيد كرة التهكم فيقول:

فقد أشكل حل معضلة هذا الحديث -الأحرف السبعة- على فطاحل علماء علوم القرآن عندهم، فهذا ابن الجزري بعد جهد جهيد ولنحو نيف وثلاثين سنة يرجو أنه قد توصل لحل لغز وطلسم الأحرف السبعة، وهو الإمام الرمز في علوم القرآن والمعتمد عليه في القراءات وإليك نص كلامه:

" و لا زلت أستشكل هذا الحديث -الأحرف السبعة- و أفكر فيه وأمعن النظر من نحو نيف وثلاثين سنة حتى فتح الله علي بما يمكن أن يكون صوابًا إن شاء الله تعالى، وذلك إني تتبعت القراءات صحيحها وضعيفها وشاذها فإذا هي يرجع اختلافها إلى سبعة أوجه ". (٣)

فإذا كان هذا حال ابن الجزري فما ظنك بعياله؟، وهنا سؤال يطرح نفسه، على أي من تلك الآراء نحكّم القرآن؟ (٤)

نقول: ولاشك في أن هذا عين الجهل، فأهل السنة أثبتوا تلك الأحرف ولم ينكروها، وخلافهم في معناها أمر يحمدوا عليه لعدم جرأتهم على دين الله وشرعه، وأن خلافهم في معناها يُعَدُ من خلاف التنوع، لا من خلاف التضاد، ذلك لأنهم أثبتوا الأصل واختلفوا في فهم مقصوده ولم يجزموا به تعظيمًا لكلام الله وإجلالًا لوحيه المنزل، على العكس من الرافضة تمامًا.


(١) - مختصر منهاج السنة: (٢/ ٧٨٢).
(٢) - إعلام الخَلف: (ص: ١٤٤).
(٣) تاريخ القرآن ص ٨٧.
(٤) - إعلام الخَلف: (ص: ١٤٦).

<<  <   >  >>