للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثالثًا: إن التوسعة على الناس والتسامح في نص القرآن مسألة كبيرة وخطيرة! فكيف لم تكن معروفة في زمن النبي صلى الله عليه وآله لعامة الصحابة والمسلمين، ثم عرفت على يد عمر عندما وجدت مشكلة تفاوت القراءات؟!

وأكبر دليل على أنها لم تكن موجودة وأن الذي اخترعها عمر، أن المسلمين كانت عندهم حساسية من أدنى تغيير في ألفاظ القرآن، وكان هذا سبب اختلافهم في القراءة، فلو أن النبي صلى الله عليه وآله أجاز لهم التوسع في ألفاظه وتبديلها كما زعم عمر، لما اختلفوا! (١)

نقول وبالله التوفيق:

فقوله: "إن التوسعة على الناس لم تكن معروفة في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأن الذي اخترعها عمر".

فهل عمر هو الذي استزاد جبريل؟! أم النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الذي استزاده، ومن الرد الذي يلجم كل جاهل عنيد كذلك إنكار عمر قراءة هشام بن حكيم، فكيف يكون هو الذي اخترعها وهو لم يعرفها بادئ الأمر، ولذلك أنكرها، وختام هذا الجواب أن الرافضة عمومًا ينكرون حديث الأحرف السبعة إلا من خالف وهم قلة، وأغلب أهل هذا الرأي عمهم الجهل كذلك فظنوا أن الأحرف السبعة هي القراءات السبع، كما قرر ذلك المجلسي في: "بحار الأنوار" (٢)، والتقِّية لا يؤمن معها تصديق القوم، فالقوم إذا يُعذرون لجهلهم ولضيق أفقهم وعنادهم!، والله يحكم بيننا وبينهم.

ولقد رد أئمة أهل السنة قول الرافضة القائلين بأن الأحرف السبعة هي القراءات السبع، وقد حكى انعقاد الإجماع على ذلك ونقله غير واحد من أهل العلم.

يقول الإمام أبو شامة المقدسي (ت ٦٦٥ هـ) - رحمه الله -:

ظن قوم أن القراءات السبع الموجودة الآن هي التي أريدت في الحديث، وهو خلاف إجماع أهل العلم قاطبة، وإنما يظن ذلك بعض أهل الجهل. (٣)

يواصل الكوراني ويقول:

رابعًا: إذا صحت نظرية عمر في الأحرف السبعة، وأن الله تعالى قد وسع على المسلمين في قراءة نص كتابه، فلماذا حرم الله نبيه من هذه النعمة وحرم عليه تبديل شئ منه فقال تعالى: (وَإِذَا تُتْلَى


(١) يُنظر: ألف سؤال وإشكال: (١/ ٢٥٩).
(٢) بحار الأنوار، للمجلسي: (٨٢/ ٦٥).
(٣) ينظر: فتح الباري لابن حجر (٩/ ٣٠).

<<  <   >  >>