للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- وقوله: عن "الحِكَم من تشريع الأحرف السبعة" أنها جاءت- يعني عندنا- للتخفيف عن هذه الأمة … إلى أن قال: وإذا بهذا "التخفيف" و"اليسر" و"التهوين" ينقلب- في زمن عثمان- إلى تناحر وتهديد للأمة بالسقوط في الفتنة كما سقط اليهود والنصارى"!.

- نقول والله المستعان وعليه التكلان:

سبحان الله، إن هذا من الكذب والافتراء المحض، وقلب الحقائق كما هو معلوم عن القوم الظالمين، فإن من أبرز أسباب جمع عثمان على "الإمام"، هو ما وقف عليه حذيفة بن اليمان رضي الله عنه- من اختلاف القراء الذين لم يشهدوا عهد التنزيل، ولم يعرفوا أن القرآن أنزل على سبعة أحرف، وأنها كلها شاف كاف، وكان ذلك وقت الفتوحات الإسلامية في العراق، فأهاله ما رأى فأخبر الخليفة الرشد عثمان لتدارك الأمر، فقال: يا أمير المؤمنين أدرك الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى.

ولقد أخرج البخاري هذا الخبر بسنده عن ابن شهاب أن أنس بن مالك- رضي الله عنه- حدثه:

" أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان وكان يغازي أهل الشأم في فتح إرمنية وأذربيجان مع أهل العراق فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة فقال حذيفة لعثمان يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى … " (١)

ففعل عثمان رضي الله عنه كان إنقاذا للأمة من الاختلاف في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى، وليس تهديدًا لها بالسقوط في الفتنة كما سقط اليهود والنصارى، كما ادعى الظالم الأثيم. وهكذا تبين لنا بالحجة والبيان رد الزور والكذب والافتراء والبهتان، كما تبين لنا بعين اليقين أن القوم يريدون قلب حقائق الدين، بكل وسيلة ممكنة إلى ذلك ساعين.

وصدق والله الإمام ابن قدامة المقدسي (ت: ٦٢٠ هـ) - رحمه الله - في قوله:

من سلك غير طريق سلفه افضت به إلى تلفه، ومن مال عن السنة فقد انحرف عن طريق الجنة، فاتقوا الله تعالى، وخافوا على أنفسكم، فإن الأمر صعب، وما بعد الجنة إلا النار، وما بعد الحق إلا الضلال، ولا بعد السنة إلا البدعة. (٢).


(١) - ينظر: صحيح البخاري: (٤/ ١٩٠٨) ح (٤٧٢٠).
(٢) تحريم النظر في كتب أهل الكلام: (ص: ٧١).

<<  <   >  >>