للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي نحو ذلك يقول أبو بكر بن عياش: (ت: ١٩٣ هـ) - رحمه الله -:

السنة في الإسلام أعز من الإسلام في سائر الأديان. (١)

وكل ما نذكره في هذا المبحث الهام يدلل على غلو الرافضة وانحرافهم وغلوهم.

استحالة وامتناع الالتقاء والاتفاق بين أهل السنة والرافضة عقلًا وشرعًا -السبب الثالث

السبب الثالث: اجتماع أهل السنة على الحق، وافتراق الرافضة

وإن مِن أبين آثار وسطية أهل السنة بين فرق الغلو والجفاء، اجتماعهم على الحق حتى صار الاجتماع والائتلاف على الدين وأصوله وثوابته وصفًا ملازمًا لهم لا ينفك عنهم بحال؛ ولذا فإنك تراهم وسطًا دائمًا، فلا يميلون إلى الغلو أو الجفاء أبدًا.

ولذا فهم أسعد طوائف الأمة بالحق والائتلاف والاجتماع عليه، ولست تجد اتفاقًا وائتلافًا إلا بسبب اتباع آثار الأنبياء من القرآن والحديث وما يتبع ذلك، ولا تجد افتراقًا واختلافًا إلا عند مَن ترك ذلك وقدَّم غيره عليه، قال تعالى: (وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ. وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ) (هود: ١١٨ - ١١٩)، فأخبر أن أهل الرحمة لا يختلفون، وأهل الرحمة هم أتباع الأنبياء قولًا وفعلًا، وهم أهل القرآن والحديث من هذه الأمة، فمن خالفهم في شيء؛ فاته من الرحمة بقدر ذلك. (٢)

و"مما يدل على أن أهل الحديث (٣) هم على الحق، أنك لو طالعت جميع كتبهم المصنفة من أولهم إلى آخرهم، قديمهم وحديثهم مع اختلاف بلدانهم وزمانهم، وتباعد ما بينهم في الديار، وسكون كل واحد منهم قطرًا من الأقطار، وجدتهم في بيان الاعتقاد على وتيرة واحدة، ونمط واحد يجرون فيه على طريقة لا يحيدون عنها، ولا يميلون فيها، قولهم في ذلك واحد ونقلهم

واحد، لا ترى بينهم اختلافًا، ولا تفرقًا في شيء ما وإن قل، بل لو جمعت جميع ما جرى على ألسنتهم، ونقلوه عن سلفهم، وجدته كأنه جاء من قلب واحد، وجرى على لسانٍ واحدٍ". (٤)

ومن جهة أخرى:

كانت الفرقة والاختلاف صفة ملازمة لسائر الفرق المخالفة للسنة والجماعة؛ لتنازعهم في مصادر التلقي ومنهج الاستدلال، وإذا نظرت إلى أهل الأهواء والبدع، رأيتهم متفرقين مختلفين أو شيعًا


(١) - أخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (٢/ ٩٧). الأديان يعني بها الشرائع، لأن الدين واحد لا يتعدد، ألا وهو الإسلام.
(٢) - مجموع الفتاوى (٤/ ٥٠).
(٣) ذلك لأن أهل السنة يسمون بـ" أهل الحديث والأثر" لاتباعهم السنن والآثار.
(٤) -الحجة في بيان المحجة لقوام السنة أبي القاسم التيمي الأصبهاني (٢/ ٢٢٤ (.

<<  <   >  >>