للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقوله: - (ثم انصرفوا … ) أي: رجعوا عن المكان الذي استمعوا منه، وقيل: - انصرفوا عن العمل بشيء مما سمعوا، وقوله تعالى: - (صرف الله قلوبهم .. ) أي: - أضلهم الله مجازاة على فعلهم، وصرفت الرجل عني فانصرف). (١)

أي: صرف الله عن الخير والتوفيق والإيمان بالله ورسوله قلوبَ هؤلاء المنافقين (٢).

ويأتي الصرف بمعاني أخرى كالتوبة والتطوع والقيمة والعدل والمثل والميل والنافلة (٣).

فـ" أصلُ الصرفةِ من الفعلِ صرفَ، والصرفُ لغة هو ردُّ الشيءِ عن وجهِه". (٤)

يقول الخليل بن أحمد الفراهيدي: (ت: ١٧٠ هـ)

"الصَّرْفُ فَضْلُ الدَّرْهَم في القيمة وجَوْدةُ الفِضَّة وبيع الذَّهَبِ بالفضَّةِ ومنه الصَّيْرَفِيُّ لتَصريفه أحدهما بالآخَر". (٥).

وقال الراغب الأصفهاني:

" الصَّرْفُ: ردّ الشيء من حالة إلى حالة، أو إبداله بغيره، يقال: صَرَفْتُهُ فَانْصَرَفَ. قال تعالى: (ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ) [آل عمران: ١٥٢]، وقال تعالى: (أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ) (هود: ٨)، وقوله: (ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ) (التوبة: ١٢٧)، فيجوز أن يكون دعاء عليهم، وأن يكون ذلك إشارة إلى ما فعله بهم، وقوله تعالى: (فَما تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلا نَصْرًا) (الفرقان: ١٩)، أي: لا يقدرون أن يَصْرِفُوا عن أنفسهم العذاب، أو أن يصرفوا أنفسهم عن النّار. وقيل: أن يصرفوا الأمر من حالة إلى حالة في التّغيير، ومنه قول العرب: (لا يُقبل منه صَرْفٌ ولا عدلٌ)، وقوله تعالى: (وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِ) [الأحقاف: ٢٩]، أي: أقبلنا بهم إليك وإلى الاستماع منك، والتَّصْرِيفُ كالصّرف إلّا في التّكثير، وأكثر ما يقال في صرف الشيء من حالة إلى حالة، ومن أمر إلى أمر. وتَصْرِيفُ الرّياح هو صرفها من حال إلى حال. (٦).


(١) - لسان العرب - مادة صرف - لأبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور الإفريقي المصري (ت: ٧١١ هـ) - دار صادر - بيروت ١٩٥٥ م.
(٢) - يُنظر: تفسير الطبري: (١٢/ ٩٤).
(٣) - المرجع السابق: مادة (صرف).
(٤) - المرجع السابق: مادة (صرف).
(٥) - الفراهيدي، الخليل بن أحمد، العين، دار ومكتبة الهلال، (بدون ذكر الطبعة وسنة النشر)، ت: د. مهدي المخزومي ود. إبراهيم السامرائي، (ج ٧/ ص ١٠٩).
(٦) - الأصفهاني، الحسين بن محمد المعروف بالراغب، المفردات، دار القلم، الدار الشامية - دمشق- بيروت، (ط: الأولى - ١٤١٢ هـ)، ت: صفوان عدنان الداودي، (ج ١/ ص ٤٨٢).

<<  <   >  >>