للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويعزى القول بالصَّرْفة عند الباحثين الى أنه من التيارات التي وفدت علينا من الخارج … وأن بعض فلاسفة المسلمين، وقفوا على أقوال البراهمة في كتابهم - الفيدا - (١)، (٢) وهو يشتمل على مجموعة من الأشعار والآداب ليس في كلام الناس ما يماثلها - في زعمهم -، ويقول جمهور علمائهم: - إن البشر يعجزون عن أن يأتوا بمثله … ، لأن - براهما- (٣) صرفهم عن أن يأتوا بمثلها …

وقد لاقى هذا الرأي انتقاضًا من أحد الباحثين. محتجًا بأن البراهمة لم يقولوا مثل أشعار الفيدا احترامًا لها، وليس بمقتضى التكوين، ثم إن كلام البراهمة في الفيدا كان محل سخرية العقل الإسلامي، فلا مستنصر لهذا الرأي. (٤)

وكل هذا لا ينكر وجود التأثر، فالتأثر برأي لا يوجب نقله كاملًا، كما أن السخرية بالبراهما قد تؤدي إلى تنزيل الصرف على القرآن، وإن كان من وجه مختلف لأنه الكتاب المعجز حقًا. (٥)

وفي نحو ذلك يقول أبو الريحان البيروني (ت: ٤٣٠ هـ) في كتابه - "ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة" - ما نصه:

" إن خاصتهم يقولون إن في مقدورهم أن يأتوا بأمثالها، ولكنهم ممنوعون عن ذلك احترامًا لها، ولم يبين - البيروني- وجه المنع، أهو منع تكليفي يسبقه الإيمان بهذه الكتب، وتكون دلائل وجوب الإيمان من نواح أخرى .. ؟ أم هو منع تكويني .. بمعنى: أن -براهما- صرفهم بمقتضى التكوين عن أن يأتوا بمثلها … ؟ وهذا الأخير هو الظاهر، لأنه هو الذي يتفق مع قول جمهور علمائهم، وما اشتهروا به من أن القول بالصرفة نبع في واديهم …


(١) -المعجزة الكبرى القرآن لمحمد أبو زهرة ص ٧٦. المعجزة الكبرى - القرآن: لمحمد أبي زهرة - ص ٦٩ - ٧١، طبع دار الفكر العربي بالقاهرة - (د- ت).
(٢) - والفيدا: كتاب يشمل أربعة كتب مقدسة للهندوس، وقد كتب باللغة السنسكريتية - يُنظر كتاب: مشكلة الألوهية د. محمد غلاب - ص ٩٧. ويُنظر: موسوعة المورد: للبعلبكي - ج ١٠/ ص ٨٢.
(٣) - براهما: من آلهة الهندوس، وهو عندهم مرادف للمطلق الأعلى أو (الأتمان) - يُنظر: المرجع السابق ص ٩٨
(٤) - يُنظر: الإعجاز البياني: د. محمد أبو موسى ص ٣٥٨.
(٥) - عن مدونة: نورة الشريف: بتاريخ: ١٣/ ٦/ ٢٠٠٨ م.

<<  <   >  >>