للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعضها: "وهذا وإن كان جائزًا في المعنى إلا أن فيه بُعدًا لطول الفصل بين العامل والمعمول" (١)، فلما كان المعنى المقدَّر ضعيفًا في الربط بين الألفاظ مُخِلًّا بتسلسل الجُمل استبعده، وأشدُّ من ذلك إذا كان المعنى المقدر لا يجعل لألفاظ القرآن الكريم أهميةً ولا مكانةً، فتراه يقول: "وهذا كما رأيت ضعيف جدًّا، لأنه يؤدي إلى الاستغناء عن غالب كلمات الآية الكريمة، وليس ذلك مرادًا، والله أعلم" (٢).

رابعًا: الترجيح بالنظر إلى مقصود الآية:

رعاية مقصود الآية من الأمور التي ينبغي التفطن لها أثناء موازنة الأقوال والمقارنة بينها، فقد يذكر بعضهم قولًا في الآية يكون معناه صحيحًا في نفسه رائقًا في لفظه، لكن عند التمحيص تجده بعيدًا عن مقصود الآية وما سيقت إليه، ومن أمثلة رعاية السمين الحلبي لمقصود الآية ما رجَّحه بقوله: "والأولى حملُ ذلك على التمثيل، لأن المقصود العموم" (٣).

خامسًا: الترجيح بالنظر إلى المخاطبين في الآية:

بعد النظر في المقصود من الآية يجدر النظر إلى من قُصدت به الآية أصالةً، وهم المخاطبون بها، ثم عند موازنة الأقوال يُنظر في مناسبة القول للمخاطبين بالآية، لذلك يستبعد السمين الحلبي الأقوال التي لا تناسب المخاطبين بالآية، ويقرِّب الأقوال التي تناسبهم ويعتمدها، وقد تقدَّم مثال هذا في قول السمين الحلبي: (والمعنى الأول أليق بالسياق وبحال المخاطبين)، فرجَّح ما هو أليق بحال المخاطبين، وكذلك يضعِّف الأقوال التي لا تتناسب مع حال المخاطبين، كما قال عن أحد الأقوال: "وفيه نظر، لأنه لا يليق أن يُخاطب المؤمنون بذلك إلا أن يكون تغليظًا" (٤).


(١) القول الوجيز، (آل عمران: ١٠٦ – ١٥٦)، تحقيق: يعقوب مصطفى سي (ص: ٤٣٠).
(٢) القول الوجيز، (آل عمران: ١٥٧ إلخ)، تحقيق: وائل بن محمد بن علي جابر (ص: ٣١٠).
(٣) القول الوجيز، (آل عمران: ١٥٧ إلخ)، تحقيق: وائل بن محمد بن علي جابر (ص: ٢٨٣ - ٢٨٤).
(٤) القول الوجيز، (آل عمران: ١٥٧ إلخ)، تحقيق: يعقوب مصطفى سي (ص: ٣٥٥).

<<  <   >  >>