للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السكران في المسجد فيصير كأنه اختار الخروج, وإن لم يخرج لخروجه [٣٧٨ أ/ ٤] من أهل المسجد والكافر يجوز إقراره في المسجد لاستماع القرآن والوعظ فلم يخرج عن كونه من أهل المسجد فلا يبطل اعتكافه لهذا, ومن أصحابنا من قال: يبطل بهما لأن السكران خرج عن أن يكون من أهل المسجد, والمرتد خرج عن أن يكون من أهل العبادات وتأويل قوله في المرتد إذا لم يكن الاعتكاف متتابعًا فأسلم فتمم ما بقي وهذا اختيار القفال, قال: وفي السكران لا يبطل ما مضى أيضًا إذا لم يكن متتابعًا بل إذا أفاق يبني وقصد الشافعي به أن الردة لا تبطل الأعمال الماضية خلافًا لأبي حنيفة.

وحكي أن الربيع قال: حين قرئ عليه بهذه المسألة اضربوا عليها لأن الشافعي قال في السكران: يبطل اعتكافه والمرتد أسوأ حالاً منه والصحيح ما تقدم وما ذكره القفال لا يساعده النص الذي ذكرنا, ومن أصحابنا من قال: يبطل بالسكر الاعتكاف ويبطل به التتابع وأراد بالردة إذا لم تطل حتى لو طالت استأنف أيضًا وهذا [٣٧٨ ب/ ٤] هو أضعف مما تقدم لن ما يبطله لا فرق بين قليله ولا كثيره كالخروج من المسجد.

فرع آخر

لو كان من ظالم فخرج واستتر لا يبطل اعتكافه لأنه مضطر إلى الخروج بسبب هو معذور فيه.

مسألة: قال (١): وَإن نَذَرَ اعتكافًا بِصَومٍ فَأفطَرَ استأنفَ.

وهذا كما قال: إذا نذر اعتكاف أيام يصوم متتابعًا فأفطر يومًا استأنف الاعتكاف بالصوم لأن الاعتكاف مع الصوم أفضل والثواب فيه أكثر, فكان الصوم صفة مقصودة في الاعتكاف فإذا نذره على هذه الصفة لزمه على صفته كالتتابع ويفارق هذا إذا نذر أن يعتكف مصليًا له أن يفرد الصلاة عن الاعتكاف, لأن الصوم والاعتكاف هما عبادتان متجانستان أو كل واحد منهما إمساك مخصوص بخلاف الاعتكاف, لأن الصوم والاعتكاف هما عبادتان متجانستان أو كل منهما إمساك مخصوص بخلاف الاعتكاف مع الصلاة.

وقال صاحب "الإفصاح": يستأنف الصوم دون الاعتكاف لأن الاعتكاف يصح بغير الصوم يصح بغير الاعتكاف فهما عبادتان مختلفتان, قال القفال: وهذا أقيس وهذا خلاف نص الشافعي في "الأم" حيث قال: استأنف الاعتكاف وعلى هذا النص لا يجوز له في الابتداء أن يفرق بينهما على ما ذكره صاحب [٣٧٩ أ/ ٤] "الإفصاح": يجوز له أن يفرق بينهما وجهان والصحيح أنه لا يلزم الجمع ها هنا وجهًا واحدًا لأن بين الاعتكاف والصوم مناسبة لأن كليهما كف وإمساك بخلاف الصلاة مع الاعتكاف, وهكذا لو نذر أن يعتكف شهرًا محرمًا فيه طريقان.

فرع

لو نذر أن يعتكف عشرة أيام هو فيها صائم لا خلاف أنه لا يصح اعتكافه دون


(١) انظر الم (٢/ ٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>