للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فرع آخر

لو نذر اعتكافًا وقال: إن اخترت جامعت أي إن اتفق لي وطئ فعلت لا ينعقد هذا النذر لأنه يخالف مقتضاه ذكره أصحابنا.

مسألة: قال (١): وَإِن جَعَلَ عَلَى نَفسِهِ اعتِكَافَ شَهرٍ وَلَم يَقُل مُتَتَابِعَاً أحببته مُتَتَابِعَاً.

وهذا كما قال: إذا نذر أن يعتكف شهرًا متتابعًا يلزمه ذلك وأي شهر اعتكف فيه أجزأه لأنه نذره بشرط التتابع فيلزمه كما نذر فإنه زيادة عبادة وله أن يعتكف ما بين الهلالية سواء كان الشهر تمامًا أو ناقصًا, وله أن يعتكف شهرًا فالأيام ثلاثين يومًا, لأن اسم الشهر يقع عليهما وإن أفسد بعضها استأنف سواء اعتكف عددًا أو ما بين الهلالين ولو نذر شهرًا متفرقًا أجزأه متفرقًا, فإن اعتكف متتابعًا قال القاضي الطبري: أجزأه عندي لأن التتابع أفضل من التفريق فكان له أن يأتي متتابعًا, وسمعت بعض أصحابنا بخراسان قال: لا يجوز متتابعًا ويلزمه كما نذر ورأيته عن والدي رحمه الله وفرع عليه فقال: إذا نذر اعتكاف عشرة أيام متفرقة الأيام [٣٨١ ب/ ٤] فاعتكف عشرة أيام متتابعة أصح منها خمسة الأول, والثالث, والخامس, والسابع, والتاسع, لأن التفريق يحصل بيوم واحد وفي هذه الأيام المتحللة صح الاعتكاف فيها وإن لم يقع محسوبًا والأول عندي ولو نذر شهراً مطلقًا:

قال الشافعي: أحببته متتابعًا, قال المنزني: لما جعل الشافعي التتابع مستحبًا دل على أن التفريق جائز, وهذا بين في كلام الشافعي فلا فائدة في بيان المنزني, ولا يختلف أهل العراق في هذا.

وقال أصحابنا بخراسان: فيه قول آخر خرجه ابن سريج أنه يلزمه متتابعًا, وبه قال أبو حنيفة, ومالك وأحمد وفي الصوم عن أحمد روايتان, وقال ابن سريج, وقول الشافعي: أحببته أي أوجبته والفرق بين هذا وبين الصوم أن من ضرورة الصوم التفريق بتخلل الليالي بخلاف الاعتكاف, وهذا غلط لأنه عبادة تصح فلا تفريقها فلا يجب فيها التتابع بمطلق النذر كالصيام وفي الصوم قد يجب التتابع, وإن كان يتفرق بالليل وهو في الكفارات, وإذا قيد نذر الصيام بالتتابع فيستوي عند الإطلاف بينهما, ولأن ظاهر نص الشافعي لا يحتمله مع ما ذكر المزني والاستحباب لا يدل على الوجوب كما يستحب التتابع في قضاء رمضان ولا يجب وكل أمر يتوجه على الإنسان [٣٨٢ أ/ ٤] فالأولى المعالجة والمبادرة إليه, وإن سوغت الشريعة التأخير.

فرع

لو لم يذكر التتابع لفظًا ونوى بقلبه التتابع هل يلزمه التتابع وجهان:

أحدهما: يلزمه؛ لأن النية إذا اقترنت باللفظ تحملت كما لو قال: أنت طالق ونوى ثلاثًا وهو الأصح عندي.


(١) انظر الأم (٢/ ٣٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>