للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والثالث: إن كان الدليل نصًا من كتاب أو سنة جاز، وإن كان نظرًا أو استنباطًا لم يجز.

فرع آخر

لا يجوز العمل بخر الواحد إلا بعد ثبوت عدالته، وقال أبو حنيفة إذا علم إسلامه جاز العمل بخبره وقبول شهادته من غير سؤال عن عدالته، وهذا غلط؛ لأنه كما لا يجوز خبر من جهل إسلامه لا يجوز خبر من جهل عدالته.

فرع آخر

لا يجوز للمخبر أن يروي إلا عن أحد أمرين؛ إما أن يسمع لفظ من أخبره، وإما أن يقرأه عليه فيتعرف به، فأما بالإجازة فلا يجوز أن يروي عنه، ومن أصحاب الحديث من أجاز الرواية بالإجازة، ومنهم من قال: إن كان الإجازة بشيء معين، وإن كانت عامة لا يجوز. وقيل: إن دفع المحدث الكتاب من يده، وقال: أجزت لك هذا، جاز أن يرويه وإلا فلا [١٢ أ/ ١] يجوز، وكل هذا عند الفقهاء غلط؛ لأن ما في الكتاب مجهول، ويكون فيه الصحيح الفاسد، ولو صحت الإجازة لبطلت الرحلة، ولا ستغني الناس عن معاناة السماع.

فرع آخر

إذا سمع على ما ذكرنا من الوجهين وكتبه جاز أن يرويه إذا كان قد وثق به وعرف خطه، إن لم يكن حافظًا لما يرويه ولا ذاكرًا له. وقال أبو حنيفة: لا يجوز أن يروي عن خطه وإن عرفه، إلا أن يذكره ويحفظه، كما لا يجوز أن يشهد بمعرفة خطه حتى يذكر ما شهد به، وهذا غلط؛ لأن المسلمين عملوا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، منها كتابه إلى عمرو بن حزم، ومنها الصحفية التي أخذها أبو بكر الصديق من قراب سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم في نصب الزكوات. وروى أنس - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قيدوا العلم بالكتاب". فلولا أن الرجوع إليه عند النسيان جائز لم يكن لتقيده بالخط فائدة، ولأنه لما جاز أن يروي عن سماع صوت المحدث وإن لم يره لزخمة أو ذهاب بصره بخلاف الشهادة، جاز أن يروي من خطه الموثوق به بخلاف الشهادة.

فرع آخر

إذا أراد العامي أن يقلد العالم هل عليه الاجتهاد في أعيان أهل العلم؟ قال ابن سريج: عليه ذلك؛ لأنه لا يشق فيطلب الأعلم والأوثق بقول الثقات والسؤال، فإن استويا قلد الاثنين؛ لأنه أقرب إلى الإصابة [١٢ ب/ ١] لطول الممارسة. وقال غيره من أصحابنا وهو الأصح: لا يلزمه ذلك، ويقلد من شاء من العلماء المشهورين بالعلم،

<<  <  ج: ص:  >  >>