للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجد نفقته، فيه وجهان:

أحدهما: يلزمه لأنه قادر على تحصيله من غير مخاطرة بروحهِ ومالهِ.

والثاني: لا يلزَمه لأنه لا يتمكن من أدائه إلا بالتزام زيادة مؤنة، ولو كان يتمكن من الأقرب بزيادة مال ببذلها لها لا يلزمهُ الحج، فههنا أولى.

فَرْعٌ آخرُ

لو قصد الحرم لتجارة وحج أجزأه عن حجة الإسلام، قال الله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: (١٩٨) قال ابن عباس رضي الله عنهما: ابتغاء الفضل: التجارة والثوابُ في ذلك على حسب العمل، فثواب من حج بلا تجارة، ولا إجارة أكثر من ثواب غيره.

فَرْعْ آخرُ

لو مَلكَ ما يكفيه لنفقة الحج، ولكنه يحتاجُ إلى النكاح، ولو تزوج يبعضه لم يكفهِ الباقي للحج لا يختلف المذهب أن الحج قد وجبَ عليه، وإنما كان كذلك لأن النكاح طريقه الملاذ والشهوات، ولكن له أن يتزوج ويؤخر الحج، لأن وجُوبه على التراخي، وأيهما أفضل؟ نُظر، فإن كان يخاف العنت، فالأفضل له أن يتزوج، وإن كان لا يخاف العنت، فالأفضل له أن يحج لأنه فرض في ذمته، [٩/أ] وقالَ أبو حامدٍ: لا نصّ في هذا، وذكره الأوزاعي، وهو قياس مذهبنا.

فَرْعٌ آخرُ

لو كان قريبًا من مكة ومن أهلِ مكة فوجد الزاد يلزمهُ الحج، وإن لم يجد الراحلة لأنه يمكنه المسير إلى عرفات ومِنى ماشيًا من غير مشقة شديدة، وإنما تعتبر الراحلة في حق البعيد. والفَرق الفاصل بين القرب والبعيد مقدارُ المشاقة التي تقصر فيها الصلاة. وإن كان لا يقدر على المشي، ولكن يمكنه الزحف إلى الموقف لا يلزمه لأن عليهِ مشقة في ذلك، ويعتبر في حقه وجود الراحلة أيضًا. وإن لم يكن معه زاد، ولكنه مكتسبٌ، فإن كان يكتسبُ في يومه ما يكفيه لمدة يلزمه، وإن كان كسبهُ كل يوم قدر نفقته في ذلكَ اليوم لا يلزمه، لأنه إذا حجَ يعطل كسبهُ، وضاعَ عياله.

فَرْعٌ آخرُ

إذا غصب مالًا يحج به أو غصب حمولة فركبها حتى أوصلته أثم بذلك، ووجب عليه أجرة الحمولة وضمان المال، وأجزأ الحج ويجب عليه أداء الحج متى حضر عرفة. وحكي عن أحمد أنه قال: لا يجزئه الحج، لأن الزاد والراحلة من شرائط الحج، فإذا وجد على غير الوجه المأذون به لم يجزه كأفعاله. وهذا غلط لأن الحج يؤدى بالبدن، والمال يراد للتوصل إليه، فإذا أدّى عمل البدن لا يقدح ما تقدمه من التوصل إليه به كما لو خرج بنفسه خائفًا وحجّ جاز، وإن ارتكب المنهي. وأما الأفعال، فدليلنا لأنه لو أداها على وجهٍ منهيّ عنه جاز إلا أن يترك ركنًا أو شرطًا. وههنا الحمولة ليس بركن ولا شرط، ولهذا لا يجب ذلك في حق المكي. والقسم

<<  <  ج: ص:  >  >>