للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحق بالقضاء» (١)، وروى بريدة قال: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: إن أمي ماتت ولم تحج، أفأحجّ عنها؟ قال: «نعم حجّي عنها» (٢).

مَسْألَةٌ: قالَ (٣): وإن كان عام جدبٍ أو عطشٍ.

الفَصْلُ

قد ذكرنا أن وجُود الزاد شرط في وجوبه، فإذا كان في الطريق [١٧/ ب] قحط لا يوجد فيه الزاد والماء، وعلف الراحلة لا يجب الحج ويعتبر وجود الزاد في البلاد التي جرت العادة بحمل الزاد منها مثل بغداد والكوفة، والبصرة ويعتبر وجود الماء في المراحل التي جرت العادة بحمل الماء منها مثل الواقصة والزبالة والثعلبية. وقيل: وسائر المراحل، فإن كان لا يجد الماء في المنازل، ولكنه يجده في أقرب البلدان إليه لا يلزمه لأن العادة لم تجر بنقل الماء من أقر البلدان إليه لأن الحاجة إليه أكثر ويفارق الزاد والراحلة، لأن العادة جرت في نقله.

وعلف الدواب والماء الذي يشربه حكمه حكم الماء في حق الناس فينبغي أن يوجد ذلك في كل منزل، أو منزلين، فأما إن كان لا يجده في المنازل بحال، فغير واجد، وإن كان يجده في أقرب البلدان إليه لأنه العادة، وهذا إذا كان على مسافة يشق نقل الماء بجميعها، ونقل علف البهائم لجميعها، فأما إن كانت المسافة على صفة لا يشق نقل لجميعها، ونقل علف البهائم لجميعها مثل أن يكون بينه وبين مكة عشرون أو ثلاثون فرسخًا يلزمه ذلك، وكذلك إذا وجده في أقرب البلدان إليه فقد وجده، وإن كان لا يجده في شيء من هذه البريّة، فالماء ههنا كالزاد في بعد المسافة، وإن كان الزاد موجودًا، ولكنه لا يباع من الحاج إلا بأكثر من ثمن مثله في ذلك الموضع لا يلزمُهم أن يشتَروهُ، ولا يجبُ عليهم الحج كانت الزيادة يسيرة أو كثيرة، كما في ماء الطهارة والرقبة في الكفارة، وهكذا في حكم الماء إذا وجد بأكثر من ثمن مثله، ولو كان ثمن مثله، ولكن السعر عالٍ يلزمه إذا وجد ثمنه، ولا يجب إذا لم يجد إلا كفاية الرخص والخصب.

وقول الشافعي: أو لم يقدر [١٨/ أ] على ملا بدّ منه. أراد به السطيحة والقربة والحبل والمزود التي لا بدّ منها في طريقه فقد ذكرنا حكمه. وأمّا قوله: أو كان خوف عدوٍّ. أراد عدوًا يقصد نفسه أو ماله، وإن قل حتى قال الشافعي ما هذا معناه: أنه لو خرج عليه من لا يخليه إلا بدرهم يبذله لم أحب له أن يبذل وله أن ينصرف، ويكره ذلك لما فيه من الصغار، ولا يحرم البذل لأنه كالهدية لهم، وإن كان هذا الطلب من المسلم، فظاهر المذهب لأنه لا يكره له البذل لأنه يكره في المشركين لأنه يضارع الجزية، وهذا غير موجود ههنا، وإن كان قد أحرم كان له أن يحل كالمحصر. وقال بعض أصحابنا: لو كان في طريقه رصدي يأخذ عن جمله شيئًا، وإن قل كدانق لا يلزمه الحجّ لأنه يتعوّد


(١) أخرجه أحمد (١/ ٣٤٥)، والدارمي (٢/ ٢٤، ١٢٣)، والبيهقي في «الكبرى» (٦/ ٢٧٧).
(٢) أخرجه مسلم (١٥٧/ ١١٤٩)، والترمذي (٩٢٩).
(٣) انظر الأم (٢/ ٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>