للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جبل الرحة ويجتهد في الدعاء والتضرّع والإكثار منه بقوله صلى الله عليه وسلم: "أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة" (١)، وروى عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو بعرفة ويداه إلى صدره كاستطعام المسكين" (٢).

وروى عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: فيما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجّة الوداع: "اللهم إنك تسمع كلامي وترى مكاني وتعلم سرّي وعلانيتي، ولا يخفي عليك شيء من أمري، أسألك مسألة المسكين وأبتهل إليك ابتهال الذليل، وأدعوك دعاء الخائف الضرير، دعاء من خضعت لك رقبته وفاضت لك عبرته، وذلّ لك جسده ورغم لك أنفه، اللهم لا تجعلني بدعائك شقيًا وكن بي رؤوفًا رحيمًا يا خير المسؤولين ويا خير المعطين".

وروي: كان أكثر دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عرفة: "لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير" (٣). وسئل سفيان بن عيينة عن دعائه يوم عرفة، فروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أفضل الدعاء يوم عرفة وأفضل ما قلت [١٢٤/أ] أنا، والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله، وحده، لا شريك له فقيل له: إن هذا ثناء وليس بدعاء، فقال: أما سمعت قول الشاعر:

إذا أثنى عليك المرء خيرًا كفاه ما يعوّضه الثناء

يريد به أن الثناء قائم مقام الدعاء، وأنه يعوّض ما يعوّض الدعاء.

فَرْعٌ آخرُ

ليس معنى الوقوف أن يقف على رجليه بل القاعد والراكب والمضطجع فيه سواء، والمراد به الحصول بعرفة.

فَرْعٌ آخرُ

قال أصحابنا: يستحبّ أن يكثر من قراءة سورة الحشر في عرفة فقد روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ذلك، ذكره في "الحاوي" (٤).

فَرْعٌ آخرُ

لو اجتاز بعرفة، وهو لا يعلم أنها عرفة أحزأه نصّ عليه، لأنه وقف، وهو من أهل الوقوف. وقد تقدمت نيّة الحجّ، فأجزاه. وقال أبو حفص بن الوليد وأبو الحسين القطان في "مختصره": فيه وجهان، وفيه نظر.

فَرْعٌ آخرُ

قال في "المناسك الأوسط" (٥) ومن لم يدخل عرفة إلا مغمى عليه لم يعقل ساعة


(١) أخرجه مالك (١/ ٤٢٢)، والترمذي (٣٥٨٥)، والبيهقي في "الكبرى" (٩٤٧٣).
(٢) أخرجه البيهقي في "الكبرى" (٩٤٧٤).
(٣) أخرجه الطبراني في "الكبير" (١١/ ١٧٤)، وابن الجوزي في "العلل المتناهية" (٢/ ٣٦٠)، والخطيب في "تاريخه" (٦/ ١٦٣).
(٤) انظر الحاوي للماوردي (٤/ ١٧٣).
(٥) انظر الأم (١٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>