للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني. ومنها ما اختلف فيه، فإما ما يحلّ بالتحلّل الأول، فاللباس والترجيل والحلق والتقليم. وأما مايحل بالتحلّل الثاني، فالوطء في الفرج قولًا واحدًا. وأما المختلف فيه فعقد النكاح والاستمتاع دون الوطء. وقتل الصيد.

قال في ((الجديد)): تحلّ كلها بالتحلّل الأول لما روت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: (إذا رميتم جمرة العقبة وحلقتم فقد حلّ لكم كل شيء إلا النساء)) (١)، ولأن كل ما فعله في ملكه لم يلزمه به غرم يحلّ بالتحلّل الأول كاللباس. وهذا أصحّ. وبه قال أبو حنيفة، ووجه الثاني فوله صلي الله عليه وسلم ((لا يَنكح، ولا يُنكح)). وهذا محرم، ولأن الاستمتاع دون الفرج من دواعي الوطء، فهو في حكم الوطء. وأما الطيب، من أصحابنا من قال: فيه قولان أيضًا، لأنه قال في ((القديم)): لا يحلّ بالتحلّل الأول، وهذا لأنه من دواعي الوطء كالقبلة.

وقال صاحب ((الإفصاح)): ذاك حكاية عن الغير، وهو مالك، وهو قول واحد إنه كاللباس يحلّ بالتحلّل الأول. وقد قالت عائشة رضي الله عنها ((طّيبت رسول الله صلي الله عليه وسلم لإحرامه [١٤٥/ أ] ولحلّه قبل أن يطوف بالبيت)) (٢).

فَرْعٌ

إذا دخل وقت الرمي لا يحصل التحلّل الأول به، ما لم يرم. وقال الاصطخري: يحصل له التحلّل الأول لأنه يتحلّل بفوات وقته، وإن لم يرمِ، وهذا لا يعرف للشافعي، وهو غلط لقوله صلي الله عليه وسلم: ((إذا رميتم وحلقتم فقد حلّ لكم كل شيء إلا النساء))، فعلق ذلك بالرمي دون وقته، ولأن ما يقع به التحلّل لا يحصل التحلّل بدخول وقته كالطواف. وأمّا خروج وقته، فيسقط به فعل الرمي. وههنا فرض الرمي باقٍ فلم يحصل التحلّل بوقته، ولأنه يتحلّل من صوم رمضان بفوات وقته، ولا يتحلّل منه بدخول وقته.

فَرْعٌ آخرُ

لو ترك الرمي يوم النحر حتى فات وقته وجبه الهدي في ذمته بدلًا عنه. قال أصحابنا: ولو ترك حصاة من جمرة العقبة يلزمه دم، لأن رمي جمرة العقبة من أسباب التحلّل. ولا يحصل التحلّل إلا بتمام السبع، فإذا فات يحتاج أن يوجب بدلها ليحصل التحلّل، ولا يحصل التحلّل إلا بهدي كامل. وحكي عن أبي حنيفة رضي الله عنه: أنه إذا ترك الأقلّ من السبع بأن رمي الأربعة وترك الثلاث لا يلزمه شيء، وهل ثبوت الهدي في ذمته بمنزلة فعل الرمي؟. قال ابن سريج: فيه وجهان، بناء علي ((المختصر)) إذا عدم الهدي وجب الصوم في ذمته، هل يحلّ قبل أداء الصوم؟ قولان. وقال أبو حامد: عندي أنه لا يكون بمنزلة فعل الرمي قولًا واحدًا، فعلي هذا الحكم كما لو لم


(١) أخرجه أحمد (٦/ ١٤٣) , وأبو داود (١٩٨٧) , والدارقطني (٢/ ٢٧٦) , والبيهقي (٩٥٩٧).
(٢) أخرجه البخاري (١٥٣٩) , ومسلم (١١٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>