اجتهاده الأول؟ وجهان. وهذا عندي إذا مضت مدة من الفتوى الأولى يجوز تغير الاجتهاد فيها غالبًا، فإن كان الوقت قريبًا لا يلزمه الاستفتاء ثانيًا.
فرع آخر
إذا أراد العامي أن يقلد مفتيًا كالشافعي وأبي حنيفة ومالك، ففيه وجهان.
أحدهما: لا يجوز؛ لأنه [١٣ أ/ ١] الآن ليس هو من أهل الاجتهاد، كمن تجدد فسقه بعد عدالته لا يبقى حكم عدالته وهو القياس.
والثاني: يجوز وهو اختيار كثير من أصحابنا؛ لأن الموثق لا يؤثر فيما قبله من شروط الاجتهاد، فلا يؤثر فيه، كما لو شهد بشهادة ثم مات، فإنه يحكم بشهادته.
فرع آخر
لو لم يعرف المستفتي لغة المفتي أجزأه ترجمان واحد، لأنه خبر، ولو بعث بمسألته رسولًا إلى فقيه فأفتاه مطلقًا، فنقل الرسول إليه الجواب وهو عدل، جاز له قبوله كما يجوزن فنزل خبر الرسول صلى الله عليه وسلم من واحد، ولو بعث رفعه إليه فأجابه بالخط جاز له أن يعمل عليه أيضًا.
فرع آخر
لو استفتى العامي فقيهًا فلم تسكن نفسه إلى فتياه ففيه وجهان: أحدها: أنه يلزمه أن يسأل ثانيًا وثالثًا حتى يصير عددًا تسكن نفسه إلى فتياهم. والثاني: لا يلزمه، ويجوز له الاقتصار على قبوله؛ لأنه ليس نفور نفسه شبهة ولا سكونها حجة.
فصل في الإجماع
إذا قال علماء الصحابة قولًا فهو حجة مقطوع بها، وهكذا لو قال واحد مهم قولًا وانتشر في الباقين فصوبوه، ومن خالفه يكون كمن خالف نص الكتاب والسنة. وقال النظام والإمامية: لا تكون حجة ويجوز مخالفتهم، وهذا غلط لقوله تعالى:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى}[النساء: ١١٥] الآية، فأوعد على ترك [١٤ أ/ ١] إتباع سبيل المؤمنين كما أوعد على مشاققة الرسول، فدل على أن إتباعهم واجب. وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"لا تجتمع أمتي على الضلالة". وقال أيضًا صلى الله عليه وسلم:"أنتم شهداء الله في الأرض، فما رأيتموه حسنًا فهو عند الله حسن". وهكذا إجماع سائر العلماء: في سائر الأعصار حجة لا تحل مخالفتهم، وإنما يعتبر إجماع من هو من أهل الحل والعقد لا من سمى عالمًا. وذكر بعض أصحابنا بخراسان أنه يعتبر إجماع معظمهم لا كلهم؛ ولأنه يشق وهذا لا يصح؛ لأن