للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحج ولزمه أن يمضي في فاسدةً يلزمه القضاء.

والثاني: لا يلزمه ذلك، لأنه لا يجوز أن يتوجه عليه ابتداء فرض الحج لعدم التكليف، هكذا ذكر في "الحاوي" (١). والمسألة معروفة بالوجهين.

فرع آخر

إذا أوجبنا القضاء هل يجوز في حال صغره؟ اختلف أصحابنا فيه، منهم من قال: يجوز وهو المذهب. وقيل إن الشافعي رضي الله عنه نص عليه لأنه لما جاز أن يتعلق فرض القضاء بذمته قبل بلوغه جاز أن يصحّ منه فعله قبل بلوغه، ومنهم من قال: لا يجوز.

وبه قال مالك وأسد، وقيل؛ نص عليه في "الإملاء"، لأنه لا يجوز أن يؤدي الفرض قبل البلوغ. وقال القاضي الطبري: فيه قولان: وهذا أظهر، وهذا [١٦٠/ أ] ينتقض المضي في فاسدةً، فإنه يلزمه في صغره.

فرع أخر

إذا قلنا: يجوز أن يقضي في صغره فلم يقض حتى بلغ، أو قلنا: لا يجوز أن يقضي في صغره، فقضى بعد بلوغه يجزئه عن حجةَ الإسلام، نظر في التي أفدها، فإن كانت لو سلمت عن الفساد أجزأته عن حجةُ الإسلام مثل إن بلغ قبل فوات وقت الوقوف، فوقف فالقضاء. يجزئه عن حجةَ الإسلام وإن كانت لو سلمت لم تجزئه عن حجة الإسلام مثل إن بلغ بعد فوات وقت الوقوف لا يجزئه القضاء عن حجةَ الإسلام، ولكنه إذا أحرم به انعقد عن حجةَ الإسلام، فيقع عن حية الإسلام، ويكون القضاء في ذمته.

فرع أخر

إذا قلنا: على الصبي، كانت الفديةَ على التخيير، فإن أراد أن يصوم في صغره؛ هل يجوز؟ وجهان بناء على قضاء الحج في الصغير. وأما حكم النفقةَ، فالقدر الذي كان يلزمه في الحضر في مال الصبيّ، وأما ما زاد عليه بسبب السفر نص في "الإملاء" أنه في مال الولي، لأنه الذي أدخله فيه، والحج لم يكن واجبًا عليه، ويفارق الإنفاق للتأديب من ماله، لأن بالصبي حاجةً إلى تعليم ذلك في صغره للاعتياد والامتران، فجاز أن ينفق من ماله في ذلك، وليس به حاجةً إلى تعليمه الحج في الصغر، لأن العادةَ أن من كبر يدعوه طبعه إلى مصاحبة [١٦٠/ أ] الرفقة والخروج إلى الحج، وتعلم المناسك، فلا حاجةً به إلى تعلم، ذلك في الصغر، فلا يجوز إنفاق المال عليه في ذك، وأيضًا الصبي إذا بلغ تلزمه الصلاةً على الفور، ولا يمكنه أن يؤديها إلا أن يكون قد تعلم ذلك بلوغه في الصغر، فجاز الاتفاق عليه لتعلمه ولا يستحق عليه أداء الحج عقيب البلوغ، لأنه على التراخي فيمكنه تعلمه بعد البلوغ، ولا يفوت ذلك، فلا يجوز الإنفاق عليه من ماله لتعلمه.

وبه قال مالك وأحمد ومن أصحابنا من قال: إنه من مال الصبي كأجرةُ تعليم القرآن، لأنه من مصلحته، وهذا ضعيف. والفرق ظاهر، وقال القاضي الطبري: فيه قولان، وهذا


(١) انظر الحاوي للماوردي (٤/ ٢١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>