فصل
إذا مات أحد المتعاقدين في مدة خيار الثلاث، فلم يعلم الوارث حتى مضت الثلاث، سقط الخيار ولزم البيع، لأن تحديد الخيار بالثلاث يمنع من ثبوته بعد الثلاث.
مسألة: قال الشافعي رحمه الله تعالى: "وإن كانت بهيمة فنتجت قبل التفرق ثم تفرقا، فولدها للمشتري، لأن العقد وقع وهو حمل".
قال في الحاوي: وهذه المسألة مبنية على أصلين: أحدهما: ملك المبيع بماذا ينتقل إلى المشتري؟ وفيه ثلاثة أقاويل مضت. والثاني: في الحمل، هل يأخذ قسطاً من الثمن أو يكون تبعاً؟ على قولين:
أحدهما: يكون تبعاً، ولا يأخذ من الثمن قسطاً كالسمن والأعضاء، لأنه لو أعتق الأم سرى العتق إلى حملها كسرايته إلى أعضائها التابعة لها.
والثاني: يأخذ قسطاً من الثمن كاللبن، لأنه لو أعتق الحمل لم يسر العتق إلى أمه، ولو كان تبعاً لها كأعضائها لسرى عتقه إليها كما يسري عتق أعضائها إليها. فإذا ثبت هذان الأصلان: فصورة مسألة الكتاب في رجل ابتاع بهيمة حاملاً، فوضعت بعد العقد وقبل الافتراق. فإن قلنا: إنه يأخذ قسطاً من الثمن، صار العقد كأنه قد تناولهما معا. فإن تم البيع كان الولد للمشتري مع الأم.
وإن انفسخ البيع كان الولد للبائع. وهذا على الأقاويل كلها- ويكون الولد مضموناً على البائع، حتى يسلمه، ومضموناً على المشتري إذا تسلمه.
وإن قلنا: إن الحمل تبع: فلا يخلو حال البيع من أن يتم، أو ينفسخ: فإن تم البيع، فحكم الولد مبني على الأقاويل الثلاثة في انتقال الملك.
فإن قلنا: إن الملك ينتقل بنفس العقد، أو قلنا: إنه مراع، فالولد للمشتري، لحدوثه في ملكه.
وهل يكون مضموناً على البائع، حتى يسلمه؟ على وجهين مخرجين من اختلاف قوله في نماء الصداق.
هل يكون مضموناً على الزوج أم لا؟
وإن قلنا: إن الملك لا ينتقل إلا بالعقد وقطع الخيار، ففي الولد وجهان مبنيان على اختلاف أصحابنا في خيار المجلس، هل يجري مجرى خيار العيب أو مجرى خيار القبول؟ على وجهين:
أحدهما: أنه يكون للمشتري، وهذا إذا قيل: إنه يجري مجرى خيار العيب. فعلى هذا هل يكون مضموناً على البائع إذا كانت الولادة قبل التسليم؟ على وجهين:
والثاني: أنه يكون للباع، وهذا إذا قيل: إنه يجري مجرى خيار القبول.
فعلى هذا لو كانت الولادة بعد التسليم، لزم المشتري رده، ولم يكن مضموناً عليه إلا بالتعدي وجهاً واحداً، لأن المشتري يضمن المبيع في حق نفسه، فلم يلزمه ضمان النماء في حق غيره، ولما كان البائع يضمن المبيع في حق غيره، جاز أن يلزمه ضمان النماء في حق غيره.