للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المأكول والمشروب في شئ، منه وإن اختلف الجنسان جازا متفاضلين يداً بيد قياساً على الذهب الذي لا يجوز أن يسلف في الفضة والفضة التي لا يجوز أن تسلف في الذهب".

قال في الحاوي: وهذا صحيح. وجملته أن الرجلين إذا تبايعا لم يخل ما يضمنه عقد بيعهما عوضاً ومعوضاً من أربعة أقسام:

أحدها: أن يكون العوضان مما لا ربا فيه فلا بأس ببيعه نقداً ونساء متفاضلاً ومتماثلاً سواء كانا من جنسين كبيع ثوب بعبد، أو كانا من جنس واحد كبيع ثوب بثوبين، وعبد بعبدين.

والثاني: أن يكون في أحد العوضين الربا دون الآخر كبيع عبد بدراهم أو ثوب بطعام فهذا كالقسم الذي قبله يجوز العقد عليهما نقداً ونساء، ويجوز أن يسلم أحدهما في الآخر.

والثالث: أن يكون العوضان مما فيه الربا بعلتين مختلفتين كالبر بالذهب أو الشعير بالفضة فهذا كالقسمين الماضيين في جواز العقد عليهما نقداً ونساء وإسلام أحدهما في الآخر.

والرابع: أن يكون العوضان مما فيه الربا بعلة واحدة كالبر بالشعير أو بالبر، والذهب بالفضة أو بالذهب، فلا يجوز إسلام أحدهما في الآخر لاشتراكهما في العلة. ثم ينظر في حال العوضين فإن كانا من جنس واحد كالبر بالبر أو الشعير بالشعير فلا يصح بيعهما إلا بشرطين: التساوي، والتقابض قبل الافتراق. وقال أبو حنيفة يصح وإن تفرقا قبل القبض وقد مضى الكلام معه.

وإن كان العوضان من جنسين كالبر بالشعير، أو التمر بالزبيب فبيعه معتبر بشرط واحد وهو التقابض قبل الافتراق، والتفاضل فيه يجوز وقد مضى في هذا المعنى ما يغني. والله أعلم.

مسألة: قال الشافعي رحمه الله تعالى: "وكل ما خرج من المأكول والمشروب والذهب والفضة فلا بأس ببيع بعضه ببعض متفاضلاً إلى أجل وإن كان من صنف واحد".

قال في الحاوي: قد تقرر بما تمهد من علتي الربا أن ما عدا المأكول والمشروب والذهب والفضة لا ربا فيه كالصفر والنحاس والثياب والحيوان، فلا بأس أن يباع الجنس منه بغيره أو بمثله عاجلاً وآجلاً، ومتفاضلاً، فيجوز أن يبيع ثوباً بثوبين وعبداً بعبدين وبعيراً ببعيرين نقداً ونساء. وقال أبو حنيفة: الجنس يمنع من النساء متفاضلاً ومتماثلاً، فلا يجوز بيع الثياب بالثياب نساء، ولا بيع الحيوان بالحيوان نساء. استدلالاً برواية قتادة عن الحسن عن سمرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة.

وروى أبو الزبير عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الحيوان واحد باثنين لا بأس به يداً بيد ولا خير فيه إنساء".

ولأنه بيع جنس فلم يجز دخول النساء فيه كالبر. ولأن الجنس أحد صفتي علة الربا

<<  <  ج: ص:  >  >>