للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرع آخر

لا يجوز بيع الخبز بالخبز رطباً لما ذكر من العلة، وقال أحمد: يجوز إذا تماثلا في الوزن لأن معظم منفعتهما في حال رطوبتهما كاللبن باللبن، وهذا لا يصح لأن أكمل أحوال اللبن كونه لبناً وأكمل الأحوال هاهنا حين كان حياً فيعتبر التساوي في تلك الحالة ولا يمكن ذلك هاهنا.

فرع آخر

لو كانا يابسين فإن لم يكن مدقوقاً لا يجوز وإن كان مدقوقاً بأن جعله كعكاً ثم دقه قال في عامة كتبه: لا يجوز لعدم التساوي كيلاً حال كونهما برين ولأنه بيع بر وملح بلبن وملح. وقال في "حرملة": يجوز، لأن ذلك حالة كمال وادخار أيضاً فيباع كيلاً ولا يمتنع أن يكون للشيء الواحد حالتان للادخار كالعنب يدخر زبيباً وخلاً، وأما الاختلاط بالملح فلا يضر، لأنه لا يظهر في الكيل ويصير الملح صفة فيه والمذهب الأول. قال القفال رحمه الله: ولا يحتمل غير هذا [٣/أ] على المذهب ولعل ذاك قول مرجوع عنه. قال أصحابنا وعقد الباب فيه على ما ذكر الشافعي في الصرف كل ما عمل من الأثمان يجوز بيعه بالأثمان وكل ما عمل من المأكول لا يجوز أصله فالدبس لا يباع بالعنب وبالتمر، والدقيق لا يباع بالحنطة وما يعمل من اللبن لا يباع باللبن. والفرق أن المصوغ من الذهب لا يستحيل بالصياغة بل هو ذهب على ما كان وما يتخذ من المطعوم يستحيل عن صفته.

مسألة: قال: "ولا بأس بخل العنب بعضه ببعض".

بيع خل العنب بخل العنب يجوز متماثلاً وكذلك العصير بالعصير لأن أجزاءه متقاربة ويخالف بيع الدقيق بالدقيق ولأن للعنب حالتين في الادخار إذا صار زبيباً وإذا صار عصيراً فيجوز بيع بعضه ببعض في كلتا الحالتين وعلى هذا يجوز بيع العصير بالخل لأنهما مدخران وهذا لأن العصير إذا صار خلاً لا يظهر فيه نقصان كالتمر الحديث بالعتيق، وفيه وجه آخر لا يجوز لأن أحدهما على حالة الادخار دون الآخر [٣/ب] وإن كان فيهما ماء أو في أحدهما ماء لا يجوز، ولا يجوز بيع العصير والخل بالعنب لأن العصير الذي في العنب قد يزيد عليه وقد ينقص منه فيؤدي إلى التفاضل. وأما خل الزبيب بخل الزبيب لا يجوز قولاً واحداً لأنه ينقع في الماء وهل يجري الربا في الماء؟ وجهان والأصح أن فيه الربا فإن قلنا: بهذا يجوز أن يقل الماء في أحدهما ويكثر في الآخر فيكون بيع الماء بالماء متفاضلاً والخل بالخل متفاضلاً أيضاً، لأن الماء إذا تفاضل تفاضل الخل أيضاً، وإن قلنا: لا ربا في الماء لا يجوز لمعنى واحد وهو تفاضل الخلين لقلة الماء في أحدهما وكثرته في الآخر.

وإن باع خل الزبيب بخل العنب لا يجوز، لأنهما جنس واحد وفي أحدهما ما يجوز أيضاً، وإن كان فيهما ما فيه وجهان مبنيان على جريان الربا في الماء وكذلك خل الزبيب بخل

<<  <  ج: ص:  >  >>