للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما لم يجز أيضاً؛ فإن قيل: أليس لو باع اللبن باللبن يجوز ويشتمل ذلك على المخيض والسمن؟ قلنا: المخيض والسمن مطعومان واللبن [١٣/ب] بمجموعة طعام على حدته فلا يعتبر بحالة أخرى حتى يقال: هما مطعومان مخلوطان بخلاف الشهد فإذا تقرر هذا أخل المزني رحمه الله بالنقل حيث قال: لأنهما لو بيعا وزناً وفي أحدهما شمع وهو غير العسل كان العسل بالعسل غير معلوم. وهذا غلط ظاهر لأنهما إذا بيعا وأحدهما غير مصفى كان معلوم المفاضلة فلا معنى لقوله: غير معلوم وإنما يستقيم هذا التعليل في الشهد بالشهد لأنهما بما فيهما من الشمع غير معلوم المماثلة. والشافعي ذكر هناك هذا فاستعمل علة أحد المسألتين في الأخرى ثم قال: وكذلك لو بيعا كيلاً أي يفترق الكيل والوزن في هذه المسائل التي ذكرناها في العسل حيث جوزنا وحيث أبطلنا لأنهما نوعان من المقدار يستدرك بكل واحد منهما المماثلة والمفاضلة، وهذا اللفظ يدل على تصحيح أحد الوجوه في فرع تقدم ذكره وهو إذا لم يعلم للشيء معيار معهود في عصر الرسول - صلى الله عليه وسلم -[١٤/أ] إذا أردنا بيع بعضه ببعض فما معياره؟ فيه أوجه: وقيل إن الشافعي قال: في الصرف فإن كان أصل العسل الكيل بيع كيلاً وإن كان أصله الوزن بيع وزناً فيوقف فيه، وقال في موضع آخر: والوزن في العسل والسكر والسمن أحوط. فنص على الوزن. وحكي عن أبي إسحاق أنه قال: أصل العسل الكيل فلا يباع بعضه ببعض إلا كيلاً. وقيل: أراد الشافعي قوله: لأنهما لو بيعا وزناً إذا انعقد لبرد الهواء وغلظ حتى لا يمكن كيله فيباع حينئذ وزناً فأما إذا أمكن دقه وكيله لا يباع إلا كيلاً. وهو قريب من قول أبي إسحاق والمذهب المنصوص ما تقدم.

فرع

عسل الطبرزد، وعسل القصب جنس واحد وهما من قصب السكر وهل يجوز بيع بعضه ببعض على ما ذكرنا في السكر؟ ويجوز بيعهما بعسل النحل كيف شاء متماثلاً ومتفاضلاً لأنهما جنسان فإن قيل: هلا قلتم العسل كله صنف واحد للاشتراك في الاسم؟ قلنا: قال الشافعي: وإطلاق العسل ينصرف إلى عسل النحل وإن كانت العرب [١٤/ب] تسمي كل حلو عسلاً، ولهذا قالوا للحديث الحلو والوجه الحسن معسول، وقالوا للجماع: عسيل قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في المطلقة ثلاثاً: "حتى تذوقي عميت ويذوق عسيلتك"، فإذا لم يشاركه في إطلاق الاسم لم يساوه في هذا الحكم.

فرع آخر

المشمش مع سائر الأعناب جنس واحد والتمر الهندي مع التمر المعروف جنسان لاختلافهما في الطعم والطبع والمقصود والصورة، وكذلك الجوز المعروف مع الجوز الهندي، وحكى ابن القطان وجهاً آخر أنهما جنس واحد لأن الاسم يشمل الكل.

<<  <  ج: ص:  >  >>