للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قسمتها، وإن قلنا: إنها بيع فيه وجهان، أحدهما: لا يجوز لأن الوقف لا يقبل البيع وهو القياس، والثاني: يجوز، والمصلحة في هذا وبه أفتي لأنها لو تركناها شائعة بين وقف وملك تداعى ذلك إلى الخراب عند التنازع وإذا ميزنا الوقف عن الملك أقبل كل مستحق على عمارة حصته.

مسألة: قال: "ولا يجوز بيع ثمر برطب بحال".

بيع الرطب بالتمر على وجه الأرض لا يجوز بحال وكذلك كل ثمرة رطبة بيابسها كالعنب بالزبيب والخوخ الرطب بالمقدد ونحو ذلك. وبه قال سعد بن أبي وقاص وسعيد بن [٢٥/ب] المسيب ومالك والليث وأبو يوسف ومحمد وأحمد وإسحاق. وقال أبو حنيفة وحده: يجوز واحتج الشافعي بما روى سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سأل عن شرى التمر بالرطب فقال: "أينقص الرطب إذا يبس، قالوا: نعم"، فنهى عن ذلك وروي أنه قال: فلا إذاً.

وروي عن زيد بن أبي عياش أنه سأل سعد بن أبي وقاص عن بيع البيضا بالسلت فقال له سعد: أيهما أفضل؟ فقال: البيضا فنهى. وقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن شري التمر بالرطب وذكر الخبر، قال الشافعي: نظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المتعقب في اعتبار المماثلة فلما علم أنه ينقص في تلك الحالة أبطل البيع. وقيل: البيضا نوع من البز أبيض اللون وفيه رخاوة تكون ببلاد مصر، والسلت نوع من غير البز وهو أدق حباً منه، وقيل: البيضا هو الرطب من السلت وهذا القول أليق بمعنى الحديث وعلته: لأنه بين موضع النسيئة من الرطب بالتمر، وإذا كان الرطب منهما جنساً واليابس جنساً آخر [٢٦/أ] لم يصح التشبيه. ذكره الخطابي في "غريب الحديث". وقوله: "أينقص الرطب إذا يبس"؟ لفظه لفظ الاستفهام ومعناه التقرير والتنبيه على علة الحكم لأنه لا يخفى ذلك على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وروى نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - "نهى عن بيع التمر بالتمر وعن بيع العنب بالزبيب كيلاً وعن الزرع بالحنطة كيلاً".

فرع

لو باع التمر الحديث بالتمر العتيق قال بعض أصحابنا: يجوز لأن النقصان يسير فيعفى كقليل التراب في الكيل وهذا لا يصح، والتحقيق أنه ينظر فيه فإن كان إذا جف تاماً ينقص وزنه ولا تتقلص جثته فلا يظهر في الكيل يجوز لأنه لا اعتبار بالوزن فيه، وإن كان يتقلص جثته ويظهر ذلك في الكيل لا يجوز.

مسألة: قال: وكذلك لا يجوز بيع رطب برطب.

<<  <  ج: ص:  >  >>