للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآخر: تفارقنا مع القبض فالقول قول من يدعي الفسخ أيضاً. وأما إذا تبايعا غير الصرف كالثياب والعبيد والسلع فليس من شرطه القبض قبل التفرق ولكن متى تلف المبيع قبل القبض بطل البيع وسقط الثمن عن المشتري سواء طالب البائع بالإقباض فامتنع أو عرض البائع الإقباض فامتنع المشتري أو تلف من غير مطالبة واحد منهما وبه قال الشعبي وربيعة وأبو حنيفة، وقال مالك: عقد البيع يستتر بالعقد ولا يلحقه الفسخ بهلاك المبيع فإن طولب البائع بالإقباض فأبى أتم وصار عامياً يلزمه قيمته، وإن لم يطالب فلا شيء عليه وله [٢٨/أ] الثمن وإن طالبه بذلك فقال: لا أسلم حتى أقبض الثمن يصير المبيع كالمرهون في يد المرتهن. وعند مالك: إذا تلف الرهن في يد المرتهن إن كان بآفة ظاهرة فهو من ضمان الراهن وإن كان بأمر باطن فهو من ضمان المرتهن.

وذكر القفال عن مالك أن هذا إذا اشترى جزافاً فإن اشترى مكايلة أو موازنة لا يدخل في ضمانه حتى يقبضه بالكيل أو بالوزن. وقال أحمد وإسحاق مثل قوله إنه إذا تلف من غير تعدي البائع كان من ضمان المشتري، وقال النخعي: إن كان البائع بذلها للمشتري فامتنع من قبضها لم يبطل البيع بتلفها وكانت مضمونة على المشتري بالثمن، وإن لم يكن كذلك بطل البيع، وقال ابن سيرين: يعجبني هذا القول ومال إليه، وقال أبو ثور: يدخل في ضمان المشتري بنفس العقد حتى لو دخله عيب لا يرد به المشتري ولو تلف لا يسقط الثمن ويد البائع فيه يد وديعة، وقال بعض العلماء: يد البائع فيه يد ضمان بالقيمة لا بالثمن فيغرم القيمة ويدفع إليه المشتري الثمن وهذا كله غلط.

واحتج الشافعي عليهم بالصرف [٢٨/ب] فقال: لأنه بيع تعذر فيه القبض فيبطل كعقد الصرف إذا تفرقا عنه قبل التقابض بطل غير أن التعذر في الصرف من طريق الشرع لا من طريق المشاهدة وهاهنا من طريق المشاهدة والمشاهدة أقوى إذا ثبت بطلان العقد ثبت كونه من ضمان البائع.

واحتج مالك بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الخراج بالضمان، والخراج الغلة وهي للمشتري فكان الضمان عليه قلنا: لا حجة فيه لأنه لم يقل الضمان بالخراج، بل قال: الخراج بالضمان، ثم ورد في الرد بالعيب.

تبقى الغلة للمشتري بعد رده بالعيب فإذا تقرر هذا لو باع عبداً بثوب وقبض الثوب ولم يسلم العبد فباع الثوب من غيره ثم تلف في يده العبد فقد انفسخ البيع في العبد والثوب قد تصرف فيه في وقت جاز له التصرف ويجب عليه أن يدفع إلى صاحبه قيمة الثوب كما إذا كان الثوب قد تلف في يده كان عليه قيمته وعلى هذا إذا باع عبداً بشقص وقبض الشقص أخذ الشفيع الشقص بالشفعة بقيمة العبد فإذا أخذه الشفيع ثم تلف العبد [٢٩/أ] في يده قبل التسليم يبطل البيع في العبد ولا يبطل في الشقص ويجب عليه دفع قيمة الشقص إلى صاحبه ولو باع عبداً بثوب وقبض الثوب وباعه من

<<  <  ج: ص:  >  >>