للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مؤجل ومعجل؟ لأنه لا ضرر للسيد في ذلك حتى يحصل في يده فضل فيكون ذلك للسيد، ثم يكون حكمه حكم المكاتب والمأذون الذي دفع السيد إليه مالًا. وأما رهن مالِ من اليتيم، والمجنون، والمحجور بدين مؤجل في قرض أو ابتياع فلا يجوز إلا بشرطين:

أحدهما: أن يكون الإقراض له أصلح من بيع ماله في نفقته، مثل أن يتوقع له عليه عقارًا ونماء ماشية أو ثمار أو زرع، أو دين يحل ل، أو يقدم مال غائب أو يكون له سلعة كاسدة يتوقع لها موسم.

والثاني: أن يكون المرتهن لذلك ثقة يودع ماله عنده فههنا يجوز.

وكذلك لو اشترى له ما يسوي ألفًا بخمسنائة ويرهن ما يسوي خمسمائة به فلا بأس؛ لأنه إن تلف حصل له ربح [ق ١٧١ ب] خمسمائة، والظاهر أنه لا يتلف، وهذا إذا كان لا يباع إلا برهن.

وكذلك لو وقع نهب أو حريق يخاف على ماله، أو وجد أمينًا يشتري به شيئًا لا يرد عليه التلف من العقار ولا يتبعه إلا بشرط الرهن فرهن، ولا يتصور أن يستقرض منه شيئًا فيرهن في هذه الحالة ماله؛ لأنه يخاف على القرض الذي يأخذه ما يخاف على ارهن الذي تسلمه، فإن لم يوجد الشرطان أو أحدهما فيبيع ماله أصلح من رهنه والإقتراض له فلا يجوز رهنه، وهذا لأن الدين لازم والرهن أمانة، فيكون تلف الرهن عند المرتهن بغير ضمان ويبقى الدين عليه بحاله.

وأما المكاتب والمأذون فليس لهما أن يرهنا من مالهما شيئًا إلا بإذن السيد، أو في الحال التي يجوز لولي اليتيم أن يرهن من ماله على ما بيناه.

ولو قال للمأذون له تاجر تصرف كيف شاء حتى يفضل معه شئ فيكون كما لو دفع إليه مالًا، فإن قال قائل: ما معنى قول الشافعي- رحمه الله-: "ورهنهما عليه في النظر له "في المسألة الأولى؟ قلنا: يحتمل معنيين:

أحداهما: أراد بالرهن الإرتهان: فكأنه قال: يجوز ارتهان الحاكم وولي المحجور عليه إذا كان له ارتهانهما في النظر له. قالوا: وفي قول: "ورهنهما "واو الحال لا واو العطف، ولا بعد العبارة عن الإرتهان بالرهن [ق ١٧٢ أ] وعن الرهن بالإرتهان.

والثاني: وهو الأصح أراد بالرهن حقيقة الرن لا إرتهان، وهما مسألتان اثنتان.

قالوا: (و) حرف العطف لا واو الحال بدليل أنه قال: "ورهنهما له "ولو كان المراد به الإرتهان: "ورهنهما له في النظر له "ألا ترى أنه ذكر الإرتهان بهذه العبارة فقال: "ويجوز ارتهان الحاكم وولي المحجور عليه له "راجع إلى المحجور لا إلى الإرتهان.

فإن قيل: التفسير يدل على أنه أراد به الإرتهان لا الرهن؛ لأنه قال: "وذلك أن يبيعا فيفضلا ويرتهنا "فاشتغل ببيان الإرتهان دون الرهن. قلنا: يجوز أن يجمع بين المسألتين ثم يعطف على إحداهما يفسرها ويعرض عن تفسير الأخرى، أو يؤخر تفسير الأخرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>