للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا كما قال. يحتمل أن يكون هذا ابتداء مسألة والرهن عين في يد الراهن فلا يكون قبضًا إلا أن يكون القبض من المرتهن أو وكيله ومشاهده، فإن اقتصر على القبض بالقول لم يكن قبضًا كما لا يكون قبضًا في المبيع، ولو وكل الراهن أن يقبض له من نفسه لا يجوز؛ وإنه لا يجوز أن يقبض من نفسه شيئًا لغيره. وعلى هذا لو أذن لعبد الراهن أو أم ولده بالقبض لا يلزم؛ لأن يده يد الراهن. ولو أذن لامرأة الراهن ومكاتبه بالقبض يلزم؛ لأن يده ليست يد الراهن.

وقوله: "لاَ حَائل دُونَهُ": معناه لا يتم قبض الراهن إذا كان بينه وبين الرهن حائل يجول بينه وبين القبض يتنوع أنوعًا كثيرة يستغني عن ذكرها. ويحتمل أن يكون هذا [ق ١٧٦ أ] عطفًا على المسألة قبلها، وهي إذا كانت العين في يد المرتهن وهي غائبة عنهما لا يكون قبضًا إلا أن يحضره المرتهن أو وكيله، ويشاهده حال القبض، وهذا أشبه. لا أعتبر الحضور المجرد، وإنما يكفي ذلك فيما كان وديعة عند المرتهن، فأما ما كان في يد الراهن فيحتاج فيه إلى النقل والتحويل.

مسألة:

قَالَ: "وَالإِقْرَارُ بِقَبْضِ الرَّهْنِ جَائِزٌ إِلاَّ فِيمَا لاَ يُمْكِنُ فِي مِثْلِه ".

وهذا كما قال. إذا رهن رجل عند رجل شيئًا يحضره شاهدين ثم رهنًا ليقبضه المرتهن ورجعا، وأقر الراهن بأن المرتهن قبضه وأمكنه ذلك يصح إقراره، ويجوز للشاهدين أن يشهدا عليه عند الحاكم لو تنازعا، وإن لم يمكن ذلك إلا نادرًا ولا غالبًا، مثل أن يرهنه دارًا بمكة وهما بمصر فأقر في يومه أن المرتهن قبضه لم يصح إقراره، ولم يجز للشاهدين أن يهدا عليه بذلك لعلمهما بكذبه واستحالة كون ما أقرّ به، وهذا أصل في الإقرار متى أمكن صدقه لزمه، وإلا فلا يلزم. ولهذا لو قال لزوجته: أمي من الرضاع وهي أكبر سنًا منه بحيث يختمل ذلك لزمه. وإن كانت في سنه أو أصغر سقط إقراره.

فرع

لو اختلفا بعدها رهن وأذن في قبضه فقال المرتهن: قبضه وأنكر الراهن. قال في "الأم ": "القول [ق ١٧٦ ب] قول المرتهن ". وقال في مسألة قبلها: "القول قول الراهن "وليست المسألة على قولين، بل على اختلاف حالين، والذي قال: "القول قول الراهن "إذا وجد في يد الراهن فقال المرتهن قبضته ورددته إليك. والذي قال: "القول قول المرتهن "؛ لأن الظاهر من حصوله في يده بعد إقراره بالإذن في القبض أنه باستحقاق، ولا يقبل قول الراهن: رجعت عن الإذن بالقبض ثم قبض من غير إذني.

<<  <  ج: ص:  >  >>