للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرع آخر

لو أجبر المغصوب [ق ١٨٠ أ] من الغاصب لا يزول الضمان بلا خلاف على المذهب؛ وهكذا ذكره جمهور أصحابنا.

وقال في "الحاوي ": إن قلنا بالوديعة يزول الضمان، فالإجارة أولى. وإن قلنا بالوديعة لا يزول الضمان ففي الإجارة وجهان:

أحدهما: لا يبرأ لأنها أمانة كالوديعة.

والثاني: يبرأ لأن الإجازة صنف من النوع يستحق فيها عوضًا.

فرع آخر

لو جعله مضاربة في يده في وجهان كما في الوديعة. وقال في "الحاوي "فيه وجه ثالث هو صحيح عندي أنه ما لم يتصرف في العامل بحق المضار؛ فالضمان باق، وإن تصرف فيه بإتباع شيء، فإن ابتاع في ذمته ونقل المال لم يسقط الضمان، وإن ابتاع بعين المال سقط الضمان. والفرق أنه إذا اشترى بعين المال كان دافعًا للمال إلى مستحقه عن إذن المالك فيبتدئ من حصته، وإذا اشترى في ذمته كان قاضيًا لدين تعلق بذمته لم يبرأ من ضمانه.

فرع آخر

لو أعاره شيئًا ثم رهنه عند المستعير، فإن لم يكن منعه من الانتفاع لا يزول الضمان، وإن منعه من الانتفاع به اختلف أصحابنا فيه.

قال الداركي: كان أبو إسحاق يقول: يزول ضمان العارية؛ لأن ضمان الغصب أكد من ضمان العارية. ومن أصحابنا من قال: لا يزول الضمان كما لا يزول [ق ١٨٠ ب] ضمان الغصب، وهو الصحيح.

وقيل: هما مبنيان على أن العارية هل تبطل بهذا الرهن؟ وفيه وجهان:

أحدهما: لا تبطل العارية بحدوث الرهن، وله أن ينتفع بها كما قبل الرهن، فعلى هذا ضمانها باق.

والثاني: تبطل العارية. فعلى هذا يرتفع ضمانها ويفارق المغصوب؛ لأنه لم يرتفع الغضب بالرهن فلم يرتفع حكمه.

فإذا تقرر هذا، قال المزني رحمه الله: يشبه أصل قوله إذا جعل قبض الغصب في الرهن جائزًا كما جعل قبضه في البيع جائزًا، أم لا يجعل الغاصب في الرهن ضامنًا، إذ الرهن عنده غير مضمون لكن الغصب مضمون. وإنما يلزم هذا الضمان بسبب الغصب

<<  <  ج: ص:  >  >>